غرس
الله في الإنسان غرائز و طبائع ليقوم و يسعد بالمهمة التي خلق لأجلها على أكمل وجه
و من
جملة هذه الميول هو ميل الذكر للأنثى و بالعكس و كذلك حب السعادة و الاستقرار و
الحرية
و في
هذا يتفق جميع البشر بكل ألوانهم و أطيافهم
و لكن
الخلاف يحصل في الرؤية لتحقيق هذه الأهداف و الميول و بالتالي الطريق و الأسلوب
الموصل لها .
و
الرؤية الخاطئة ستؤدي إلى سلبيات و مشاكل تعود على جميع أفراد المجتمع فالمجتمع
مثل الجسد الواحد إذا مرض عضو تأثر باقي الجسد فلا بد من وجود حدود للحرية .
و
التجربة خير برهان على صحة الرؤية و النظرة و التفسير .
فإذا
تأملنا في هذا العالم و ما يدور به من مصائب نعتبر و نحمد الله على نعمة الاسلام
و أركزعلى
عنوان موضوعنا و هو العلاقة العاطفية قبل الزواج
فهناك
الكثير من يقول بضرورة أن يتعرف الشاب على الفتاة التي يريد أن يتزوجها قبل عقد
القران و يدرس حياتها عن قرب بالاختلاط و الخلوة و الذهاب لهنا و هناك و المكالمات
الهاتفية و غير ذلك .
فإذا حصل تطابق في وجهات النظر و حصلت المحبة
تزوجا و إلا افترقا
للوهلة
الأولى يبدو أن هذا الأمر منطقيا و لكن بتحليله و تشخيص الواقع تتضح الرؤية:
-
ففي حال وجود حسن النية في العلاقة
العاطفية قبل الزواج يحرص كلا الطرفين في مرحلة الخطوبة أو مرحلة ما قبلها على
إظهار أحسن ما عنده
و هذا يؤدي إلى تعلق كلا الطرفين ببعضهما تعلقاً زائداً و يقررا
الزواج و بعد الزواج بشهر أو شهرين يعود كل طرف لطبعه و أخلاقه
و يظهر كلُ على حقيقته
بعيداً عن التكلف و النفاق و هنا تحصل المفاجأة غير السارة و تبدأ الخلافات و
غالباً - لا سمح الله - تنتهي بالفراق .
-
أما في حال وجود سوء نية في هذه العلاقة
العاطفية قبل الزواج , فهذا المتظاهر بالزواج الشرعي سوف يترقق و يتنعم مثل الحرباية
و يظهر أحسن ما عنده من أطايب الكلام و الوعود
المغرية مستغلاً ضعف هذه الفتاة أمام هذه الإغراءات
فإذا وصل إليها و قضى
حاجته منها رمى بها دون أي رادع من ضميرأو أخلاق , فيقضى على مستقبلها و يسيء إلى
أهلها و عشيرتها
و في هكذا أوضاع من قلة الضمير و ضعف الوازع الديني و في أمر مصيري
من حياة الفتاة, لا مجال للتجارب و لا مجال للتسلية
فالعرض مثل الزجاج لا
ينجبر , فكيف تستطيع الفتاة التمييز بين الجاد و غير الجاد من الرجال ؟؟؟
-
أما نظرة الإسلام لهذا الأمر فهي أن يبحث
الخاطب عن المكان المناسب له و الكفؤ والأهم من ذلك ذات الخلق و الدين و يتعرف على
أهلها و يسأل عنهم
فالإنسان ابن بيئته غالباً و ليس دائماً , و
إذا حصل هذا الأمر بطريق التقادير أو في مكان العمل أو أي مكان آخر فهذا لا إشكال
فيه بشرط الدخول من الباب و ليس الشباك .
و إذا حصلت له قناعة مبدئية يطلب رؤيتها بحضرة أهلها و يحق له رؤية
الوجه و الكفين أما إذا أراد تفاصيل أكثر
فعن طريق أهله
و في
الوجه جميع معالم الشخصية فإذا حصل ارتياح متبادل من كلا الطرفين فهذا يدعوا
للتفاؤل بهذا العقد الغليظ لأن الأرواح جنود مجندة من قبل الله
فهنا لا يوجد تكلف و بالتالي لا تحصل مفاجئات
و كل ما سيحصل بعد الزواج متوقع و له علاج , فهذه هي العلاقة الواقعية المتوازنة .
و حب الزوجين عن طريق العلاقة العاطفية قبل الزواج غالباً ما يكون مثل بالون يكبر قبل الزواج لأكبر ما يمكن و
بمجرد الزواج ينثقب هذا البالون و يبدأ يصغر و يصغر و ربما - لا سمح الله - يتلاشى
.
بينما
حب الزوجين بالطريقة الملتزمة بتعاليم الإسلام مثل بذرة يتم غرسها عند الخطبة
و
بعد الزواج تكبر شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح شجرة كبيرة مثمرة فتعطي الثمار الناضجة
اللذيذة و هم الأولاد الصالحون النافعون لأهلهم و مجتمعهم .
الكاتب :عبدالحق صادق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.