الاثنين، 11 فبراير 2013

الثناء و الذم في الادارة و السياسة

إذا تأملنا واقعنا المعاصر نجد الأغلب يذم و ينقد المجتمع ابتداء من الأفراد مرورا بالعلماء و مؤسسات الدولة و انتهاء بالقادة
 و لا تسمع كلمات الثناء إلا نادراً
 و إذا ذكر شخص ناحية إيجابية في الدولة قذف بشتى التهم 
 و من وجهة نظري هذه ظاهرة غير متوازنة و غير عادلة
فالإنصاف أن تعطي كل ذي حق حقه و لو كان عدوك أو ممن تختلف معه في الرأي و الاتجاه
 فهذه  تعاليم  ديننا الإسلامي الحنيف  و لكل شخص إيجابيات و سلبيات.
و هذا ينطبق على الأفراد و الأحزاب و المجتمعات و الدول و الحكام .
و التركيز على السلبيات دون الإيجابيات و خاصة لمن له إيجابيات كثيرة و لكن له بعض الأخطاء في الظروف الحساسة و الدقيقة مثل واقعنا الحالي أضراره كبيرة و خطيرة
فقد تدفع صاحب الحق إلى إعطاء تنازلات للباطل و يشجع الباطل على التمادي في باطله
و النقد يسمى نقدا هادفا بناءاعندما يصدر من اصحاب الاختصاص وفق ضوابط و معايير
و نحن مامورين  شرعا بالشكر فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله
و مامورين شرعا بالنهي عن المنكر وفق الضوابط  و الاحكام  الشرعية
و من جملتها ان يكون النهي موجه  مباشرة للمخطأو ان يكون سرا و بالحكمة و الموعظة الحسنة
اما الكلام عن المخطا و التشهير به امام الناس و هو غير موجود ليدافع عن نفسه
فهذا فضح و ليس نصح وهدم و ليس بناء و يدخل في باب الغيبة و النميمة و البهتان و نشر الفاحشة و في علم الادارة الحديث ثبت ان الشكر و الثناء له فوائد كبيرة
و كل كلام غير منضبط  شرعا يسمى ذم و ليس نقد و غالبا النقد من عامة الناس يدخل في باب الذم بينما النقد من قبل أصحاب التخصص يدخل في باب النقد الهادف البناء
و تركيز الذم و النقد الهدام و تهويل الاخطاء و تقزيم الايجابيات و دفنها لأفضل الموجود تحت شعارات براقة مثل الاصلاح  و غيره له نتائج خطيرة  و مدمرة لأنها تؤدي لإشاعة جو الإحباط و التشاؤم و اليأس و هذه البيئة تربة خصبة لإخراج جيل بلا هدف و بلا قيم إما متطرف أو متحلل ، ضعيف الوازع الديني و عديم الحس الوطني و هذا الجو يشكل عقبة كبرى في طريق النهوض و الابداع
فلو كان الذم و النقد الهدام و لصق التهم يجدي نفعا لآصبحت الدول العربية في قمة الدول المتقدمة لأن الكل ينتقد الكل و الكل يشك في الكل و الكل يتهم الكل و القليل من يعمل لمصلحة الكل فنحن بحاجة الى عمل و لسنا بحاجة لنقاد
 إذا في مثل ظروفنا الحالية الأفضل إظهار الإيجابيات و الثناء عليها
و ستر السلبيات حتى لا يطمع الأعداء و المتربصون و يتخذونها وسيلة لتحقيق مآربهم الخبيثة و هذا أكثر أهمية بالنسبة للدول
 والإشادة و الثناء على تجربة دولة ناجحة و تسليط الضوء عليها يدخل في باب تثبيت صاحب الحق و تشجيعه على بذل المزيد و حث و تنبيه الآخرين على النهوض و الاستفادة من هذه التجربة الناجحة و تطويرها .
أصحاب الهوى عندما يشاهدون من يتفاخر على اساس نزعات هدمها الاسلام و القوانين العالمية الحديثة يصمتون عندما توافق هواهم كمن يتفاخر على اساس عرقي أو شوفيني أو نزعة جاهلية كمن يتفاخر بحضارة من ماضي الازمان و قد تكون هذه الحضارة من صنع الاحتلال أو  تدل على عبودية ينبغي الخجل منها و ليس التفاخر 
بينما عندما يشاهدون من يتحدث عن إنجازات مشاهدة في الواقع المعاصر و بالارقام و تقييم منظمات دولية تخص السعودية أو دول الخليج كإنجاز دولة و ليس فرد و الدولة تعني الحكومة و الناس المقيمين على هذه الارض
 تثور حميتهم و يتذكرون احثوا في وجه المداحين التراب و يتجاهلون أن هناك فرق كبير بين من يمتدح شخص في وجهه و بكلام فيه مبالغة و بصفات ليست فيه و المقصود من ذلك الحصول على المال كما كان يفعل شعراء الجاهلية و التي لم تعد موجودة اليوم و بين من يثني على إنجاز مؤسساتي مشاهد و ليس في الوهم أو الخيال أو سوف يتحقق .
و إذا كان الثناء يوافق هوى الدعاة الثوريون فيتذكرون قول الرسول صلوات الله عليه من لا يشكر الناس لا يشكر الله و يتذكرون فضائل تلك البلدان التي ورد فيها أحاديث و يذكرونها في الوقت غير المناسب حيث يحتاج أهلها لمن يذكرهم بالله و العودة إلى دين الله حتى يرفع الله عنهم البلاء و المصائب التي حلت بهم فيقومون بنفخهم أكثر مما هم منفوخون و ربما هذه النفخة أهم سبب خلف هذه المصائب فيزيدون النار اشتعالا بدلا أن يطفؤها.
قاتل الله الهوى كم يردي اصحابه و من يسيرون خلفهم المهالك فيسقطون من نظر الله و نظر الخلق و ينزل بالكبار منهم الى المنازل الدنيا بعد ان كانوا في الدرجات العليا . 
و في حال ذكر السلبيات يجب التأكد من صحة المعلومات و مصدرها و خاصة عندما يكون مصدر المعلومات صحافة الأعداء و المتربصون 
فهم لا يريدون الخير لنا بل يريدون الفرقة و التنازع .
و القاعدة القضائية  تقول (  تبرئة مائة متهم خيرُ من اتهام بريء)
 و  يقال(  إلتمس لأخيك سبعين عذراً فإن لم تجد فقل لعله يوجد عذراً لا أعلمه )
أما تتبع العثرات و البحث عن المستور و إطلاق التهم جزافا حسب تخرصات لا أصل لها أو لها أصل و لكنه من قبل أعداء الأمة أو قال عن قيل
 فهذا يؤدي إلى الفرقة و إضعاف الحق و تقوية الباطل و لا يصب في مصلحة الأمة.
 فالواجب التثبت عند نقل الخبر أو التهمة و معرفة دوافع صاحب التصرف الخاطئ فلعله اجتهد فاخطأ و عدم نشر الإشاعات المغرضة لأنها تؤدي إلى تفكك المجتمعات و الأمة .
و من الإنصاف التفريق بين المجاهر بتصرفاته الخاطئة و بين غير المجاهر فغير المجاهر فيه خير و يرجى تراجعه و توبته .
و تركيز الذم على أفضل الموجود له أضرار كبيرة و اكبر مما نتصور
    
الكاتب :عبدالحق صادق  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.