إن ثقافتنا الإسلامية تختلف عن ثقافة الغرب و
الشرق و الإسلام لا يعطي ثمرته المرجوة ما لم يتغلغل إلى أعماق النفس و يكون على منهج النبوة
و تاريخنا الإسلامي لا يوجد فيه هذا الشكل من
القتال العبثي الذي نراه اليوم المستورد من أصحاب الفكر الثوري الاستبدادي الروسي و الذي هو اقرب للعشوائية و العبثية الذي ثبت أن ضره أكبر من نفعه
و اركان الفكر الثوري الروسي :الحقد الشديد على المختلف ، حب الانتقام و الانتقام بقسوة ، الاقصاء ، الاستهانة بحياة الانسان و كرامته و حقوقه و حريته و مشاعره .
و معروف عن الخوارج العبادة و التشدد في تطبيق النصوص الشرعية و سوء فهمها أما أدعياء الجهاد في عصرنا فالذي يحركهم الحقد الشديد و حب الانتقام و رفض الآخر و إقصاءه .
لذلك ارى ان تسمية أصحاب الفكر المتطرف الارهابي في عصرنا بالخوارج غير دقيقة و تحتاج لاعادة نظر لأن الذي يحرك هؤلاء فكر ثوري دموي حاقد قمعي روسي .
و نحن في
ظرف دولي متشابك و بالغ التعقيد لم تمر به الإنسانية من قبل
و الجهاد فريضة عظيمة من
فرائض الإسلام لا يستطيع احد إلغائها و لكن له شروط و أحكام و له أهل اختصاص من
فقهاء و ساسة
و يحتاج لفقه واقع و لأناس ذوي خبرة نور الله بصائرهم يقدرون
المفاسد و المصالح و يقدمون درء المفاسد على جلب المصالح و يختارون اخف الضررين
و يحتاج لمعرفة بموازين
القوى و بالتالي تقدير أي نوع من أنواع الجهاد انفع في هذا الظرف لأن للجهاد إشكال
كثيرة و يحتاج إلى تنظيم و تخطيط و إعداد تربوي و نفسي و حشد للطاقات
كافة
و لذلك ربط الشرع إعلان الجهاد بولي الامر و إذنه لأن لديه الامكانيات و الوسائل و الادوات و الحس و الرؤية لتقدير الامور التي ذكرتها أعلاه
و لا يجوز أن يفتي في هذه الأمور الحساسة و الخطيرة سوى كبار العلماء الربانيين الذين نور الله بصائرهم و لديهم شعور بالمسؤولية و بعد نظر وليس الشباب و أنصاف المتعلمين لأن الامر يتعلق بالارواح و الأنفس و مصير الاوطان و الأمة .
و الواقع ان الذي يقود الأمة اليوم هم فئة الشباب المتحمس و عامة الناس تتعاطف معهم و العلماء و العقلاء صامتون و كل من يخالف هؤلاء الرأي من العلماء يتهموه بشتى التهم
و يعمد دعاة التحريض و الفتنة إلى تشويه سمعة العلماء الربانيون كتسميتهم بعلماء السلطان أو الجامية أو المنافقون أو المرتزقة أو أصحاب الهوى من أجل نزع ثقة الشباب و عامة الناس منهم و منحها إياهم حتى يسهل قيادتهم و التغرير بهم .
و لذلك اغلب العلماء يتجنبون الكلام في هذا الموضوع حتى لا يثار
الرأي العام ضدهم.
و المشكلة أن المتطرفون هم الذين يتكلمون و الوسطيون صامتون و
بالتالي كل من يتكلم بالوسطية و الاعتدال يبدوا نشازا و تثار حوله الشبه .
و بفرض أن هؤلاء الشباب المتحمس الضعيف الخبرة في الحياة و الادارة
انتصروا فلن يقطفوا ثمار النصر
لاحظوا أن المجاهدين الذين طردوا المحتل من معظم بلاد المسلمين
سابقا
لم يقطفوا ثمرة النصر و استلم السلطة من هم اظلم و أطغى من
الاحتلال
فالمحتل خرج من الباب و
عاد من الشباك و هذا سببه عدم الوعي و عدم التخطيط و نتيجة العمل العشوائي غير المنضبط
بأصول و شروط الجهاد
و هذا نتيجة الفكر الثوري المندفع العشوائي غير المنضبط و غير المنظم
الدخيل على ثقافتنا الذي يعكر صفو النية الصادقة و الفكر النير المنفتح
و الذي يدل على صحة النهج من خطأه هو النتيجة فماذا حصدنا بعد 60
عاما من السير في هذا النهج إلا المآسي و النكبات
فمن وجهة نظري إن سبب دمار العراق و أفغانستان و الصومال و ليبيا و اليمن و سوريا هو هذا
النهج و ربما تكون مصر لا سمح الله في الطريق.
هؤلاء يعطون الذرائع لاحتلال بلاد المسلمين و بعد تدميرها يتم تسليمها لايران الصفوية و اتباعها
انظروا إلى العراق و أفغانستان كم بذل المجاهدون من جهد و كم دفعوا من أرواح
و كم ذهبت من ممتلكات و في النتيجة حصد ثمرة جهدهم الصفويون .
فهل من الحكمة تهييج الحيوانات المفترسة في الغابة لتأكل من فيها و
تهلك الحرث و النسل
و الجهاد يقوم به المسلم تنفيذا لأمر الله و المحرك الرئيسي هو
الإيمان السليم الذي تغلغل في أعماق النفس فأنتج شخصاً قمة في الشجاعة و التضحية
و كتلة من الرحمة
فلا يحتاج المؤمنون لشحن داخلي بالحقد على
الأعداء أو فكر ثوري كما تفعل الأنظمة الثورية القمعية
و المحرضون من اتباع القاعدة عن طريق نشر مقاطع يوتيوبات مؤثرة من اجل إثارة عواطف الشباب المتحمس و التغرير بهم
و المحرضون من اتباع القاعدة عن طريق نشر مقاطع يوتيوبات مؤثرة من اجل إثارة عواطف الشباب المتحمس و التغرير بهم
و إلا سوف يكون هذا الجهاد انتصارا للنفس و
انتقاما و افتخارا و حمية
و هنا يكمن الفرق بين قتال المسلمين و غيرهم فالمسلمون يقاتلون تنفيذا لأمر الله و إعلاء كلمته و طمعا في رضاه و جنته أما أصحاب الفكر الثوري الاستبدادي يقاتلون حقدا و طمعا و حمية وافتخارا
و المؤمن
الذائق يقتل بعين الرحمة و غيره يقتل بعين الحقد و الانتقام
و لخطورة الوضع و أهمية الأمر
أتمنى من العلماء و التيار المعتدل أن يحسموا أمرهم و يخرجوا عن
صمتهم في هذا الأمر
و أتمنى من رابطة العالم الإسلامي تشكيل مرجعية للأمة مؤهلة ليدرسوا
هذه القضايا الهامة و الحساسة من جميع جوانبها و يعلنوا اجتهادهم فيها بكل وضوح و
شفافية.
و إلا سوف تحل بنا كارثة لا تقل فداحة عن الاحتلال الصليبي و
التتاري لبلاد المسلمين
الكاتب :عبدالحق صادق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.