الجمعة، 8 فبراير 2013

الطريق الصحيح للإتحاد العربي والتحالف الإسلامي

إذا أمعنا النظر في واقع أمتنا قديماً و حديثاً نجد ان العقبة الكبرى في طريق تضامننا و وحدتنا هي نزعة ( أنا خيرٌ منه ) التي أخرجت إبليس من الجنة
و التي تعود في أصلها إلى الأنانية التي طبع الله بها الإنسان و غرسها فيه و لكن بالمقدار الذي يقوم به بواجب الخلافة في الأرض التي خص الله بها الإنسان دون غيره من المخلوقات تشريفاً و تكريماً له و مسؤوليةً ناء بحملها .
و بالغوص في أعماق التاريخ العربي و استقراء حاضره نجد أن العرب و بسبب الظروف و البيئة التي يعيشون بها لهم صفات يتميزون بها عن باقي الأمم منها الإيجابي و منها السلبي فإذا تهذبت هذه النفوس باتباع هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و تخلصت من الصفات السلبية التي علقت بها فإنهم يصنعون الأعاجيب
 وإذا تفلتوا منها وهجروها فإنهم يعودون كما كانوا في الجاهلية متناحرين ممزقين مختلفين يعيشون على هامش التاريخ يتلاعب بهم أصحاب الأطماع و المشاريع 
و تدل التجارب التي مرت بها أمتنا أن أي محاولة تهدف إلى لم شمل الدول العربية و الإسلامية بعيداً عن النبع الصافي و الجذور ستبوء بالفشل كما باء غيرها ولا نريد أن نجرب أكثر لأن التجارب على الأمم بعيداً عن جذورها يسبب لها الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية و الاقتصادية و السياسية و خير شاهد ما تمر به منطقتنا من أحداث  .
و أظن أن الأمة قد تجاوزت هذه المرحلة بعد أن سار بها البعض من أبناء جلدتها في العقود الماضية في شعاب متفرقة شرقية و غربية فضلوا و أضلوا و ضاعوا و ضيعوا.
 و الأمة استفاقت من غفلتها و وعت لأمرها واكتشفت زيف هؤلاء
فالأغلبية الساحقة من الشعوب أصبحت ترى أن الإسلام هو الأمل و سبيل الخلاص
  و للأسف جاء من يضللها مرة أخرى و يريد أن يصنع رموز جوفاء باسم الدين بعد أن صنعوها سابقا باسم القومية و بذلك تدخل الأمة في نفق مظلم آخر لا تخرج منه إلا بعد 60 سنة أخرى من عمرها
 و المشكلة الأهم - وهي بيت القصيد في هذا الموضوع - هو أن هناك الكثير من المشاريع الاسلامية المطروحة في الساحة العربية و الإسلامية منها ما هو قريب من الإسلام ومنها ما هو بعيد كل البعد عنه
 و الكل يدعي أنه القائد الملهم وأنه يرشف من النبع الصافي للإسلام وأنه المخلص لهذه الأمة مما هي فيه و أن تجربته هي أحرى أن تحتذى
و أنه المحور الذي يجب أن يلتف حوله الآخرون
و لكثرة الأخطاء التي وقع بها الإسلاميون الثوريون، وخاصة في دول ما يسمى الربيع العربي.
و لكثرة التشويش الذي تثيره كل جماعة و كل تيار ضد الآخر.
لفظتهم الشعوب العربية والإسلامية وتاهت مرة أخرى.
 حتى صار البعض يفكر بالعدول عن الاعتقاد بالحل الإسلامي.
و الحل الصحيح من وجهة نظري للخروج من هذا المأزق هو تحديد أفضل تجربة عربية أعطت نتائج إيجابية ملموسة ومشاهدة على أرض الواقع و ليس على أساس التسويف والوعود الخلبية و الشعارات الرنانة التي خدعت بها الشعوب خلال العقود الماضية و تبين لهم دجلها.
و هذه التجربة أدت لدينها ووطنها وللعالم العربي والإسلامي خدمات أكثر من غيرها
و ذلك وفق معايير علمية منطقية شرعية يضعها عقلاء الأمة
و جعل هذه التجربة العربية هي المرجعية السياسية و النموذج و الرمز و المحور الذي ينبغي أن تلتف حوله الأمة و تستفيد منه وتسلم قيادتها لها.
لأن العرب نواة العالم الإسلامي، إذا تمكنوا من تشكيل إتحاد عربي، أصبح من الممكن تشكيل تحالف إسلامي فعال، والعكس صحيح.
و هذه الأيام أصبح الرمز والنموذج دولة و مؤسسات و لم يعد أفراد
و الكلام عن الاتحاد و الوحدة و التضامن دون تحديد الدولة المحورية القيادية ذات التجربة الناجحة مجرد كلام و خيال و أحلام و من كان فاشلا في بناء حزب هو فاشل في بناء دولة ناجحة متحضرة راقية و الفاشل في بناء دولته بالتأكيد هو فاشل في بناء أمتة.
 لأن من سنن الله في خلقه لا بد لأي مشروع أو إدارة أو مجتمع أو قبيلة أو شعب أو أمة
حتى يكون ناجحاً و موحداً و محترماً و له مكانة من قائد أو مدير أو محور ناجح و كفؤ وهذا القائد يجب أن يكون موجود على أرض الواقع و ليس في الخيال أو التاريخ.
و هذا لا يعني أنه ليس لديها أخطاء فلا أحد يستطيع أن يدعي الكمال في هذا الزمن و لكنها الأقل أخطاءً و الأكثر عطاءً و الأقرب لتعاليم الإسلام و الأجدر ثقةً أي أفضل الموجود.
و ثبت لدى دول العالم و من خلال تجارب عديدة أن التغيير بالعنف و السلاح ضره أكبر من نفعه
و ثبت أن التنظيمات وحركات الإسلام السياسي هم أدوات بيد إيران و الإخوان لتنفيذ مشروعهم المشترك.
و شعارهم لتنفيذ هذا المشروع إقامة الخلافة الإسلامية و مفهوم الخلافة عندهم و التي لقنهم إياها من يوجههم ويعملون لمصلحته معاداة و محاربة دول محور الاعتدال الغربي العربي وإسقاط حكومات جميع الدول الإسلامية و هدفهم الاستراتيجي السعودية و دول الخليج.
 و لذلك أي مسعى لإقامة دولة على أسس إسلامية بقوة السلاح من قبل الإسلاميين الثوريين (الإخوان - القاعدة - داعش - جبهة النصرة -أنصار الشريعة - فجر ليبيا - الجماعة الإسلامية في الجزائر......)
سوف يلقى معارضة دولية و إقليمية شديدة بسبب فكرهم و منهجهم المتطرف القائم على العدائية و الكراهية لجميع الدول المتقدمة المتحضرة الغنية
و سيفشلون في إقامة دولة و إذا أقاموها سيفشلون في إدارتها وستعاني شعوبهم من أزمات و مشاكل اقتصاية و اجتماعية و انعدام الخدمات و التعليم و انتشار البطالة و الأمية و هذا سيؤدي إلى انقلاب الشعوب عليهم و الاطاحة بهم و ستحصل فوضى وحروب و قتل و دمار ونزوح و لجوء 
بالطبع سوف يرمون بفشلهم على المؤامرة لكي يخدروا الشعوب و يفسرون سبب ذلك عداء الدول الغربية و الخليجية للإسلام و المسلمين و المشروع الإسلامي
 و الشعوب بسبب عقدة المؤامرة المغروسة فيها ستصدق هذه الادعاءات و ترددها خلفهم.
و الحقيقة بمجرد محاكمة عقلية منطقية بسيطة يسقط هذا الادعاء
من يعاديك و يستهدفك و يريد زوال ملكك من الطبيعي أن تعاديه و تحاربه قبل أن يشتد عوده و هذه التنظيمات تجاهر بالعداء لأمريكا و دول الغرب و الخليج.
و دول التحالف الغربي العربي وقفت مع الشعب البوسني و رئيسه المفكر الإسلامي علي عزت حتى نهض و تحرر من الصرب النصارى.
و وقفت مع أردوغان في تركيا المحسوب على الإسلاميين حتى نهضت.   
و وقفت مع مهاتير محمد في ماليزيا المحسوب على الإسلاميين حتى نهضت. 
فهذه الدول تعارض و تحارب من يحاربها و يعاديها و يستهدفها سواء كان إسلامي أوغير إسلامي
 و لذلك أدعوا علماء و عقلاء و مفكري العالم العربي والإسلامي لوضع معايير علمية منطقية لاختيار مرجعية سياسية للعالمين العربي والإسلامي.
يتم من خلالها وزن جميع الدول و تحديد مرتبة كل دولة و اختيار أفضلها و ذلك بموضوعية و حيادية و شعور بالمسؤولية أمام الله ثم الشعوب بعيداً عن نزعة أنا خير منه
لأن الانحياز هو غش كبير للأمة في أمر مصيري و حيوي
ثم إعلان ذلك على الملأ بوضوح و شفافية و دعوة الناس للالتفاف حولها و الاستفادة منها
و الخير و العز و الكرامة التي سوف تحصده الأمة جراء ذلك
يفوق بأضعاف المرات ما يجنيه أصحاب المشاريع الضيقة الذين سوف يجربون ما جربه الآخرون و فشلوا فيه
و أضع هذه الأمانة العظيمة في أعناق أصحاب الشأن و عقلاء الأمة
 لكي يتحركوا في هذا الاتجاه و ينقذوا الدول العربية والإسلامية مما تعاني من ذل و هوان و أزمات و نكبات و مجاعات و دماء تسيل و ارواح تزهق.
الكاتب :عبدالحق صادق
         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.