الخميس، 21 فبراير 2013

أم المشاكل !!! و العقبة الكبرى !!! و الفتح المبين !!!

إن الكائن البشري يتكون من خمسة مكونات :
-         الجسم الحي : و هو الجزء الملموس من الإنسان
-         الروح       : وهي أمر ربي
-          العقل       : و على سلامته يكون التكليف الشرعي و به تدرك الأشياء و تعقل و بإعماله يكون النجاح 
-         القلب        : و هو مركز المشاعر و العواطف في الإنسان و الاستسلام لهذه العواطف و السير وراءها بعيداً عن العقل تكون المهالك و النكبات
-         النفس       : و هي مركز النزعات البشرية و الصفات سواء الإيجابية أو السلبية مثل
( الأنانية و الكبر و العجب و البخل و الكرم و الشجاعة و ......) 
و قد خلق الله الإنسان بتوازن و مقادير عجيبة من هذه المكونات الخمس
 فإذا عاش الإنسان في بيئة سليمة صحياً و اجتماعياً و عقلياً و عقدياً و اقتصادياً و سياسياً
 فإن هذا الإنسان سوف يكون موحداً بفطرته و متوازناً قي كل تصرفاته
 فلا جانب من جوانبه يطغى على الآخر فلا عدوانية و خنوع و ظلم
 ولكن صفاء و سلام و وضوح و عطاء و ألفة و عمق تفكير و سعة أفق و بصيرة و انفتاح و حرية و عبودية لله تعالى وحده و ليس لبشر أو نفس أو خصوصية
و عندما ينشأ الإنسان في بيئة غير سليمة بأي ناحية من النواحي
 فهذا يؤدي إلى خلل في هذا التوازن و سوف يطغى جانب على جانب و ستتأثر بقية الجوانب بهذا الطغيان.
و من أهم مهام الرسل الذين بعثهم الله إلى البشرية هو إعادة التوازن للإنسان بعد أن أخل بتوازنه المجتمع الفاسد الذي يعيش فيه
 حتى يكون موحداً بصدق و يؤدي مهمته التي خلقه الله لأجلها بسلام و هو عمارة الأرض
و أخطر ظرف يؤدي إلى أخطر خلل و بالتالي أكبر ضرر للمجتمع و البشرية
هو الظلم و القهر و الطغيان وهو بلغة العصر الديكتاتورية و الهيمنة
 و هذا للأسف سمة العصر فتجدها في الأسرة و القبيلة و الحي و الشارع و الدول و الأحزاب و الجماعات و المنظمات .
و البيئة الملوثة هذه تنتج أشخاص يطغى فيهم جانب النفس على الجوانب الأخرى فتسيطر النفس على الشخصية
فتصبح هذه الشخصية متلونة متقلبة في أماكن تجده خانعاً ذليلاً و أماكن أخرى تجده متمرداً فظاً غليظاً عدوانياً
و يكون العقل فيها تبعاً لهذه النفس الأمارة بالسوء فيفكر بالاتجاه الذي يرضي هذه النفس و يشبع رغباتها و كذلك العواطف و المشاعر تصير تبعاً لهذه النفس فيسيطر عليها الخوف و الوهن و الخنوع فيصفق و يخنع لطاغيته الذي يستخف به و يتسلط عليه و يهينه
و يتمرد على من يعامله باحترام و إنسانية
 فتتضرر بهذا الخلل الخطير الروح فيعاني هذا الشخص من الضيق و الضجرو القلق
 و يتضرر الجسم فتكثر فيه الأمراض و العلل.
و من أخطر صفات هذه النفس التي استولت على هذا الكائن الإنساني هو الكبر و حب التسلط وميزان الكبر هو قبول الحق والحقيقة
فالذي يقبل الحق وأهله وفق أدلته العقلية والمنطقية والواقعية دليل على خلوه من الكبر
وهذا الكبر عواقبه وخيمة على الفرد و المجتمع والأمة 
فقد أخرج إبليس من الجنة عندما قال ( أنا خير منه )
و في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( قال الله عز و جل:الكبرياء ردائي و العظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما قصمته ) و ورد بألفاظ أخرى
فأي أمة من الأمم و مجتمع من المجتمعات تسود فيه هذه الصفة يتفكك و ينتشر فيه التنازع و الظلم و شتى أنواع المفاسد ولذلك فليحذرمن غضب الله و أخذه وقصمه
و للأسف أصحاب الفكر الإخواني الذين يصنعون الرأي العام الإسلامي هذه الصفة متجذرة فيهم و هناك بعض الدعاة الثوريون المتأثرين بالفكر الإخواني يعملون على تضخيم هذه الصفة في الناس بدلاً من تهذيبها فتراهم ينفخون من هو منوخ أصلاً و نفختهم هذه سبب صب البلاء عليهم أحسب أنهم فهموا إسلام الانظمة الثورية الاستبدادية وليس الإسلام الذي فهمه سيدنا محمد و صحبه.
فصفة الكبر وما يتفرع عنها هي العقبة الكبرى في طريق وحدتنا وتقدمنا وكرامتنا وعزنا
و هي أم المشاكل التي نعاني منها مثل الفرقة والتخلف والظلم و التنازع ونكران المعروف وانتشار الفكر المتطرف.
 وينتج عن هذه الصفة الانتصار لحظ النفس أو الانتصار للخصوصية بغير وجه حق مثل الحزب أو اليتار أو الجماعة أو القومية أو الوطن أو القبيلة أو الجماعة أو الرأي أو .....
لأن الشخصية المتوازنة المؤمنة بالله ذوقاً و صدقا لا تنتصر إلا للحق وأهله و تدور معه حيث دار
 و لذلك أكثر أتباع الرسل هم من ذوي النفوس الطيعة لخلوهم من الكبر
 حيث تتقبل نفوسهم الإسلام بسهولة و تتذوقه و تتشربه و تعشقه وتفهمه كما فهمه سيدنا محمد و آله و صحبه الطاهرين و من تبعهم بإحسان من العلماء العاملين و الصالحين.
و من أهم فوائد الجهاد إعادة التوازن لهذه النفس التي أصابها الخلل من هذه الظروف الملوثة و هو ما يعبر عنه بالمصطلح القرآني تزكية النفس
و لذلك كان الجهاد من أعظم القربات إلى الله
 و أكبر عقبة أمام إعادة التوازن لهذه الشخصية هو اقتحام عقبة الانتصار للخصوصية بغير وجه حق وعملية الاجتيازتحتاج لإرادة صلبة و عزيمة لا تلين و صبر و مصابرة و طلب المعونة من الله والإكثار من دعاء ( اللهم آتي نفسي تقواها و زكها أنت خير من زكاها )
 و من دعاء ( اللهم ارني الحق حقاً و ارزقني إتباعه و حببني فيه و أرني الباطل باطلاً و ألهمني اجتنابه و كرهني فيه )
ولا بد في البداية من مرجعية موثوقة معروفة بصلاحها و تقاها وعلمها فهمت الإسلام كما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم
 يرجع إليها في شؤون دينه لا أن يرجع إلى مرجعية هي بحاجة إلى تزكية و إلى من يأخذ بيدها إلى جادة الصواب
لأن المسلم قبل اجتياز هذه العقبة – إذا لم تكن له مرجعية موثوقة - سوف يفصل إسلام على مقاسه حسب هواه و شهواته و نفسه الأمارة بالسوء
 و هذا ما نعانيه في واقعنا المعاصر من فكر متطرف و فكر متحلل
 فقد تربع على عرش الإفتاء في قضايا الأمة الهامة و المصيرية اليوم من ليس أهل لذلك من أنصاف المتعلمين و أنصاف السياسيين و الحركيين الحزبيين الصحويين وأخذوا يقودون المركب إلى الغرق .
و اجتياز هذه العقبة تستحق أن يبذل لها الإنسان قصارى جهده لأن ورائها خيرٌ عظيم
 خلفها فهم وتذوق لمعاني الإسلام العظيم و تذوق لطعم الإيمان الذي لا تعدله حلاوة
و كذلك طمأنينة و راحة و ثقة و عزة الإيمان و شجاعة الفرسان
و يرزق الإنسان فرقان يفرق به بين الحق و الباطل و خضوع للحق و اعتراف بالجميل
هذا في الدنيا و في الآخرة –إن شاء الله - جنة عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين .
فهذا هو الفتح المبين و طريق العزة و الكرامة و السعادة.
اللهم آتي نفوسنا تقواها و زكها أنت خير من زكها اللهم انصرنا على أنفسنا و شهواتنا
الكاتب :عبدالحق صادق         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.