استقلالية السعودية في الميزان

عبدالحق صادق

الاستقلال والاستقلالية والحرية من الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، فالإنسان بطبعه يرفض الهيمنة والتسلط و لكن الظروف التي ينشأ فيها الإنسان لها تأثير على مدى تقبله ورفضه للتسلط والهيمنة والاحتلال. فالشعوب التي تعرضت للاحتلال عبر تاريخها تكون أكثر تقبل للاحتلال وتذوب فيه فكريا وثقافياً وتطمس هويتها، مثل الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال الروماني والبيزنطي والفارسي والصليبي والتتار..

و للهيمنة عدة أشكال منها :

-الهيمنة الثقافية والفكرية وهي أخطر أنواع الهيمنة، لأنها تدل على انهزام حضاري، وإذا سقطت العقول بيد العدو هان سقوط الأرض ويصعب تحرير هذه الشعوب منه حتى بعد زوال الاحتلال العسكري، وتؤدي إلى التخلي عن القيم والعادات والمظاهر الخاصة بهذا الشعب في الملبس والمسكن وجميع مظاهر الحياة، ويصبح يعتز بثقافة وعادات ومظهر الاحتلال وينظر بدونية إلى الذين يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم ومظهرهم وخصوصياتهم من أبناء قوميته.

- الهيمنة الاقتصادية وهذه تعاني منها الدول التي تعاني من الفساد والاستبداد وهدر الموارد، فتضطر لتعويض هذا الخلل عن طريق الاقتراض من الدول الغنية التي تفرض شروطها من أجل إعطاء القروض والمساعدات، أما الدول الغنية التي تحافظ على مواردها وتستخدمها في عملية التنمية ورفاهية شعبها التي تعطي للآخرين ولا تأخذ هي أبعد ما تكون عن الهيمنة الاقتصادية.

-الهيمنة السياسية وهذه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالهيمنة الاقتصادية فبمقدار ما يكون الاقتصاد قوياً تكون تلك الدولة بعيدة عن الهيمنة السياسية والعكس صحيح.

- الهيمنة العسكرية عن طريق الاحتلال العسكري المباشر، هذا الاحتلال زال في ظل النظام العالمي الجديد، ولم يبقى سوى المحور الإيراني الإخواني، يمارسه بأسلوب جديد وهو الاحتلال بالوكالة عن طريق أبناء الشعب نفسه.

هناك فرق كبير بين التعاون وتبادل المصالح وبين الهيمنة والاحتلال والتبعية، فالأولى تكون بالاختيار وبمقابل منفعة متبادلة، والثانية تفرض فرضاً عندما تأخذ الدول والمنظمات المساعدات من الآخرين دون مقابل. وللتعاون وتبادل الخبرات والمصالح عدة أشكال: اقتصادية وعلمية وعسكرية...  

إذا عرضنا السعودية على الأنواع السابقة الذكر للهيمنة نجد الآتي:

قديما بسبب الطبيعة الصحراوية لشبه الجزيرة العربية وخاصة ما يعرف بالسعودية حالياً، جعلها بعيدة عن مطامع الغزاة،  ومن طمع منهم في السيطرة عليها فشل بسبب المساحة الشاسعة لصحرائها وصعوبة التحرك فيها، لذلك لم تتعرض لاحتلال أجنبي، لذلك تربى أبنائها منذ قديم العصور على الاستقلالية والحرية ورفض الهيمنة والتسلط، واكتسبوا ممانعة كبيرة ضد الذوبان في الآخر في شتى المجالات.وحافظوا على صفاء الذهن وصفاء الفكر والنفس ، وهذا اكسبهم قوة شخصية وقوة إرادة و قوة تحمل وبعد نظر وحكمة ودهاء، والشخصية القوية تتمتع بالاستقلالية وعدم تقليد الآخرين.

وجاءهم رسول رب العالمين بالإسلام ليكمل هذه القيم التي تربوا عليها، فآمنوا به وصدقوه وحملوا هذه الرسالة وبلغوها للبشرية، وضربوا أروع الأمثال في الإنسانية والأخلاق في السلم والحرب.

 جاءت الحكومة السعودية المعاصرة وحكمت بأسلوب حكم مستمد من جذورها غير مستورد من الغرب أو الشرق، ويحقق الأهداف من أساليب الحكم المعاصرة مثل الديمقراطية وهي صيانة الحقوق والكرامة وتحقيق العيش الكريم للشعب.  

 وهذا اكسبها قوة المبادئ مع المكانة الدينية في العالم الإسلامي.

وجاء اكتشاف البترول في عصر المادة الذي يقول قيمتك على قدر ما تملكه من مال، فأعطاها قوة مالية سخرته في بناء مؤسسات الدولة، وعملية التنمية والحضارة الحديثة والاقتصاد ورفاهية الشعب.

فاكتسبت مركزا حضارياً متقدماً وقوة اقتصادية هي الأكبر في المنطقة، فأصبحت من الدول العشرين على مستوى العالم على سبيل المثال:

انتقل الاقتصاد السعودي من المركز 67 عالمياً إلى العاشر على مستوى العالم.
سجلت السعودية في أمريكا( 646 ) براءة اختراع بينما هذه الدول مجتمعة (مصر + العراق+سوريا + لبنان+ الجزائر +تونس + المغرب+ السودان +الأردن) سجلت ( 41 ) براءة اختراع

بنت جيشاً مسلح بأحدث الأسلحة، أصبح يعادل قوة فرنسا وبريطانيا.
حسب تصنيف شنغهاي توجد جامعتان سعوديتان ضمن أفضل 200 جامعة على مستوى العالم ولا توجد أي جامعة عربية ضمن هذا المستوى. وهناك أربع جامعات سعودية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، وتوجد جامعة عربية واحدة ضمن هذا المستوى.

أكبر شركة في الوطن العربي سعودية  وتحتل المركز 15 على مستوى العالم

هناك 9 شركات سعودية تقع ضمن اكبر 500 شركة في العالم
القمية السوقية لشركة سابك السعودية (80 مليار دولار) بينما القيمة السوقية ل 461 شركة عربية مدرجة في أسواق المال في مصر والعراق وسوريا واللينان وتونس والجزائر ( 65 مليار دولار)

حازت سيدة أعمال سعودية المركز الأول في الوطن العربية في مجال الإدارة و يوجد 3 سيدات أعمال سعوديات ضمن أفضل 10 سيدات أعمال عرب

حازت على المركز 15 عالميا في مجال طفرة المدن الصناعية

 يوجد في السعودية 14 ملياردير على مستوى العالم.

الأزمة المالية العالمية الأخيرة عام 2008 أثبتت أن الاقتصاد السعودي مستقل إلى حد كبير عن الاقتصاد الأمريكي وغيره فهي من اقل الدول تأثرا بهذه الأزمة فاكبر ميزانية في تاريخ المملكة هي ميزانية 1430 الى 1439

 السعودية احتلت المرتبة الأولى بالشرق الأوسط و14 عالمياً في الجدارة الائتمانية و هذا يعني قوة مالية.
حققت السعودية المرتية الثالثة عالمياً في إجمالي الأصول الاحتياطية.
حققت السعودية المرتبة الثالثة في دول العشرين الأفضل أداء اقتصادياً عام 2013.
 حقق الاقتصاد السعودي المرتبة الرابعة عالمياً من حيث وضع الاستثمار الدولي في نهاية عام 2011م 
 السعودية هي الدولة العربية الوحيدة العضو في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي
 احتلت المملكة المرتبة العاشرة من بين دول مجموعة العشرين في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013
 احتلت المملكة المرتبة الثالثة عالمياً في فائض الحساب الجاري في عام 2013

قوة الاقتصاد تعطي قوة سياسية وهاتان القوتان مع المبادئ والحكمة أعطت السعودية علاقات دولية متشابكة ومتنوعة وقوية، مجموع هذا القوى جعلت السعودية لاعباً سياسياً رئيسيا إقليمياً وعالمياً بشهادة كبار الساسة في العالم.

    خلاصة القول  متع الله السعودية بالقوى التالية:

قوة المبادئ والقيم.
 المكانة الدينية

 قوة الشخصية مع الحكمة والدهاء والصبر

قوة الاقتصاد وقوة السياسية.

قوة العلاقات الدولية المميزة
القوة العسكرية

فمجموع هذه القوى جعلت السعودية الدولة العربية والإسلامية الأكثر استقلالية.

وهذا ما جعلها هدفاً استراتجياً للأعداء والطامعين والحساد وأدواتهم من التنظيمات والشعوب المحتلة ثقافياً منهم الذين يتهمونها بالعمالة والخيانة.

لذلك السعودية أكثر دولة مستهدفة في العالم، فلو وجه هذا الحقد والكراهية على جبل لفتته. علماً أنها ثاني دولة في العالم من حيث تحويلات العمالة المالية للخارج، هذا عدا مساعدتها الإنسانية والتنموية، أي يستفيد من خيراتها عشرات الملايين من العرب والمسلمين.  ورغم ذلك بفضل الله ثم بحنكة قيادتها حافظت على أراضيها ومقدراتها طيلة قرن من الزمن، وتزداد شموخاً وازدهاراً، وكل من ناصبها العداء ذهب إلى مزبلة التاريخ أو مزق ملكه أو قتل شر قتلة أو أصبح مشرداً في شتى بقاع الأرض.