السنة و الشيعة موجودون منذ القرن الأول للإسلام و طيلة
الفترة الماضية كانوا متعايشين باستثناء بعض حالات التناحر و إذا تم التحري عن
الأسباب الحقيقية لهذا الانشقاق و هذه النزاعات التي حصلت نجد أن خلفها المتطرفون من الطرفين
و هؤلاء المتطرفون البيئة المناسبة لعملهم الجهل و
التخلف و سيادة العصبية المقيتة و البعد عن فهم جوهر الدين لأن الإنسان الجاهل و الذي
فهم الدين عصبية اشد تقبلا للخرافات و الدسائس و الأباطيل و اللعب على عواطفه
و لا أريد الخوض في التفاصيل التاريخية فقد خاض فيه غيري كثيراً
و لكنني أود أن أتحدث عن واقعنا الحاضر
حيث بدأت تظهر بوادر فتنة طائفية – لا سمح الله – و من خلال التحري و استقراء
الواقع تبين لي أن وراء إيقاظ هذه الفتنة اليمين المتطرف في إيران لأن لديهم مشروعهم الخاص في منطقتنا و يستخدمون الطائفية كمطية لتحقيق مشروعهم الفارسي و في الحقيقة لا يهمها الشيعة ولا السنة العرب .
و من المهم أن تعرف من يكيد لك و لكن
الأهم من ذلك أن تعرف كيف تسد الطريق على من يكيد لك و تمنعه من تحقيق أهدافه
فهناك من ظن أن التصدي لمخطط هؤلاء هو
السب و الشتم و اللعن لهم و نشر الصحيح و الباطل عنهم فقط
و لكنني أرى أن الطريق الصحيح للتصدي
لمخططاتهم هو نشر الوعي في مجتمعاتنا سنة و شيعة ببيان خطر الظلم لأي كان و بيان
خطورة الفتنة على الجميع و أن المتضرر الأكبر هم الأقلية و التحذير من الانجرار
وراء مخطط هؤلاء فهم يريدون مصالحهم
الخاصة بهم و لا يهمهم أمرنا سواء سنة أو شيعة و خير دليل
ما يحصل في العراق.
و
من المؤسف حقاً و نحن نعيش عصر العلم و الانفتاح و انتشار التقنية و المعلومات و
تجد من يعيش بعقلية بداية القرن الماضي من
التقوقع و الانغلاق و العصبية و تقبل
الخرافات و الشائعات و تجده يعمل بكل
طاقته لإيقاظ الفتنة.
و الأعجب من ذلك انك تجد من يدعوا إلى
الفرقة و الطائفية و باسم الإسلام الذي محوره التوحيد و الوحدة
فهل من العقل و الحكمة و المصلحة أن ننبش
الماضي لنختلف الآن ؟؟؟
فأهل الماضي أفضوا إلى ربهم و هو الذي خلقهم و أماتهم و سوف يحييهم ليحاسبهم على أعمالهم و لن يسألنا
الله عما فعلوا.
فلماذا يحمل البعض أنفسهم مسؤولية الماضي
فيجلدون ذواتهم فينشغلون عن بناء الحاضر و تقديم ما هو مفيد لهم في الدنيا و
الآخرة فكل إنسان مسئول عن نفسه و عمن يعول.
و البعض ينشغل بشتم أناس ذهبوا إلى ربهم و
هذه الشتائم سوف يحملون وزرها يوم القيامة إن كانت خاطئة و لن يؤجروا عليها إن
كانت صائبة فلا يوجد أجر على الشتائم و هذه الشتائم تسبب أذى للآخرين و بالتالي
فرقة بين المسلمين فهل من العقل و الحكمة و المصلحة هذا الفعل؟؟؟
و أنبه الذين يشتمون و يطعنون بالصحابة رضوان الله
عليهم بان هذا الأمر في غاية الخطورة لأنه يلغي الجزء الأكبر من تاريخنا الإسلامي
الذي نعتز به و لأنه يتسبب بتشكيك المسلمين بعقيدتهم و يحول دون دخول غير المسلمين
في ديننا لأن هذا الدين تم نقله لنا عن طريق الصحابة فإذا تم التشكيك بالصحابة فسيؤدي
إلى الشك بالدين كله .
فمصلحتنا الدينية و الدنيوية تقتضي أن
ندفن المختلف عيه في الماضي و نتآلف الآن على ما هو عقلاني و منطقي بعيداً عن الدسائس و الخرافات
و الشائعات.
و من خلال رؤيتي للواقع أن هناك كثير من
الأقاويل الباطلة يتداولها السنة و الشيعة فيما بينهم الآن في عصر العلم و الانفتاح و هي موروثة من عهد التخلف و الجهل و لا أساس
لها من الصحة .
و أخص بالذكر تلك الأقاويل التي يتناقلها
بعض الشيعة بأن أهل السنة يكرهون آل البيت رضي الله عنهم و هذا أمر عار عن الصحة و لا أصل له .
و هناك جهل كبير بجوهر الدين و مقاصده
السامية من المسلمين و بمختلف طوائفهم و تياراتهم
و هناك جهل كبير بالعقائد و الأحكام من قبل
عامة المسلمين و بمختلف طوائفهم.
فهناك بعض المسلمين لا يعلم من الدين سوى
أنه سني أو شيعي و ربما ورث بعض الأباطيل عن المذاهب الأخرى من مجتمعه و التي تكرس
التفرقة و كأن الدين جاء للتفرقة و العصبية المقيتة .
فالأولى الآن من
الدعاة في كل طائفة أو تيار نشر الوعي و ثقافة الحوار و غرس العقيدة السليمة بين عامة الناس من طوائفهم و تعريفهم بالأحكام
الشرعية فهذا سوف يكون حصناً لهم من العقائد الأخرى التي يخشون عليهم منها بدلا من
الطعن في عقيدة الطوائف الأخرى و التي تسبب الفرقة و لا تأتي بخير .
فهل من شتم إبليس
له اجر فما بالك بشتم الآخرين الذي يسبب الفرقة و التنازع ؟؟؟
و لكن التسبيح و
الصلاة على النبي و آل بيته الطيبين الطاهرين و صحابته الكرام و طلب العلم عليه أجر و ثواب
و من أراد دعوة
الطوائف الأخرى فعليه بمحاورتهم و مناظرتهم
وجها لوجه فالطعن بالآخرين من على المنابر و في المحاضرات و في المواقع
ليست طريقة للدعوة و لكنها تنفرهم و
تتسبب بشحناء و فرقة .
و ادعوا الأخوة
المتلقين للعلم من أي مصدر كان و عبر أي وسيلة كانت أن يأخذوه بعقل متفتح بعيدا عن
العواطف و الأهواء و أن يأخذوا النافع و يتركوا الضار فلا يوجد معصوم عن الخطأ في
عصرنا الحاضر و نحن نعيش في عصر العلم و التكنولوجيا فالتبعية و العصبية العمياء
مرفوضة و هذا لا يعني رفض كلام المخطأ كلياً و الطعن فيه بل نلتمس له الأعذار و
نبقى على احترامنا له و لكننا ندع خطأه
و انصح الأخوة المتلقين للفتاوى في الأمور الحساسة مثل
التكفير و القتل أن يأخذوها من مصادرها الموثوقة و من إجماع العلماء الربانيين و ليس من آحادهم .
و ادعوا تيار الوسط في كل طائفة أن يخرجوا عن صمتهم و
ينبذوا المتطرفين من بينهم و ألا يسلموهم
زمام الأمور و ألا يعمموا في أحكامهم فهؤلاء المتطرفين لا يمثلون إلا أنفسهم
فالتعميم يتسبب بالفرقة و الشحناء .
و أما بالنسبة للاختلافات المذهبية فهذه من اختصاص
العلماء من كل طرف فما الفائدة من إقحام العامة بها و لن يستطيع أي طرف تغيير
قناعة الطرف الآخر سوى بالحوار فلماذا تبادل الشتائم و الاتهامات عن بعد.
و في الختام ما أجمل أن تجتمع
في أهل السنة و الشيعة تلك المحبة الذوقية للنبي و آل بيته الطيبين الطاهرين و
صحابته الكرام بعيداً عن الإفراط و التفريط و الالتزام بالأحكام الشرعية الثابتة
بالكتاب و السنة بعيداً عن الغلو مع التماس التيسير على الناس فامتنا ضعيفة لا
تطيق التشديد و البحث عن نقاط الالتقاء و نبذ عوامل الفرقة ففي هذا خير للجميع و
غيظ للأعداء .
عبدالحق صادق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.