إذا تأملنا في السيرة العطرة
لسيد الساسة محمد عليه الصلاة و السلام نجد انه كان يميل إلى السلام و العفو و
الصفح و اللين و حقن الدماء ما استطاع إلى ذلك سبيلا
حتى و إن بدى في ظاهر الأمر غبن
للمسلمين و هذا يدل على أن السمة العامة لأحكام الإسلام هي الرحمة مع جميع الناس
مؤمنهم و كافرهم وعلى القيمة العظيمة التي يوليها الإسلام لحياة الإنسان
و كذلك الأمر لعامل الوقت فلكل
شئ مقدار و وقت محدد
و إذا نظرنا في واقعنا المعاصر
نجد العكس تماما فالعنف و الشدة و التسرع هي السمة الأساسية للتغيير و اخذ الحقوق ابتدءا
من مجتمعاتنا و انتهاء بعلاقاتنا مع المجتمعات الأخرى
و من وجهة نظري إن الآخرون يتخذون قراراتهم و سياساتهم على ما يرونه في الشعوب و الحركات و ليس
على ما يقوم به و
يقوله القادة.
المفروض أن يكون هدف الإسلاميين من الدعوة و
الإصلاح طلب رضا الله و الفوز بجنته
و الانظمة الملكية قابلة للإصلاح و بالتالي إذا تحلى الإسلاميون الثوريون بالهدف و تحلوا
بالوطنية و الوضوح و الشفافية و كان ولائهم للداخل و ليس للخارج و تعاملوا بحكمة
.
أحسب أنه إذا شعر الحكام بصدق الإسلاميين في ذلك
لتم فتح الساحة لهم و إشراكهم في الحكم دون طلب منهم
وهناك مقولات ثورية يتم
تداولها و كأنها كلام مقدس و قواعد صحيحة مثل (ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
)
فالعالم الآن يختلف كثيرا عما
قبل فهناك مستجدات كثيرة لم تكن موجودة سابقاً فنحن نعيش مجتمع القرية الواحدة
لكثرة تشابك العلاقات و المصالح بين الدول .
و هذا يتطلب فهم جديد للواقع و
فهم جديد لمعنى القوة و معرفة بلعبة المصالح و السياسة و معرفة بلعبة القوانين
فالقوة أصبح لها أشكال كثيرة
غير القوة العسكرية و ربما تفوق القوة العسكرية أحيانا مثل :
قوة الاقتصاد والعلاقات
الاقتصادية
و قوة المبادئ و القيم و
القوانين و مدى احترامها
و قوة الفهم للعبة المصالح و
المعرفة بدهاليز السياسة و المعرفة بتفكير الآخر.
و قوة العلم و المعرفة و الوعي
و قوة البنية التحتية
و قوة تماسك المجتمع الداخلي
و قوة الوحدة و التضامن بين
الشعوب و الدول
و هناك أمر ثابت لا يتغير
و هو إذا لم تكن محترما فلا تتوقع أن يحترمك الآخرون
فالدول التي لا تحترم قوانينها
و تتدخل في شؤون الآخرين و ينتشر فيها الفساد و الظلم و ازدواجية المعايير و ينخر
عظمها الضعف فلا تتوقع أن ينصفها الآخرون أو القانون الدولي.
و الأهم من ذلك على هذه الدول أن تعلم بان
الآخرون يعلمون ما بداخلهم و أن الجزاء من نوع العمل
و الأمر الآخر الثابت هو أن
الاتحاد قوة و الفرقة ضعف و الاتحاد لا يحصل إلا إذا كان هناك تجانس
فالخطوة الأولى باتجاه الوحدة و التضامن الفعلي
هو السعي لعمل تجانس بين الدول في شتى المجالات على أسس صحيحة و معايير سليمة و
عقلانية و متوازنة و على رأسها التجانس الفكري و الثقافي.
فبالسياسة يمكن أن نحصل على الكثير و يمكن أن
نجنب أنفسنا الكثير إذا أتقناها و أحسنا لعبها
و بالمقابل يمكن أن نخسر الكثير إذا لم
نفهمها جيداً و كمثال من الواقع يوضح هذا الأمر :
السعودية هدف استراتيجي للأعداء و بفضل الله
ثم بفضل تحكميها شرع الله و حنكتها السياسية استطاعت أن تتخلص من كثير مما يخطط و
يدبر لها من مكائد.
و إن
ما كسبته إيران بالسياسة و ثقة الشيعة المحسوبين عليها بها و التفافهم حولها يفوق
ما يمكن أن تكسبه بعشرات الحروب فقد كسبت جهد و تعب و تضحية الشعب العراقي و
الأفغاني و السوري .
و هذه
الخسارة الكبيرة للمسلمين السنة و العرب حصلت بسبب عدم الثقة و عدم الالتفاف حول
قيادة موحدة و التي نجح الأعداء و الحزبيون اصحاب المصالح الضيقة في نزع ثقتهم في مرجعيتهم السعودية .
و بسبب
هذا التحجر و التقوقع و الاصرار على الخطأ و تكراره و استلام الأمر ممن ليس أهله في قيادة بعض الجماعات .
فقد
تركنا الساحة لإيران و أتباعها يسرحون و يمرحون و نحن جالسون نردد الشعارات و نشتم
و نلعن و نعارض و نخون و نتهم مرجعية أهل السنة السعودية و كل ما هو سياسي و عقلاني و من المعروف أن نهاية أي
حرب هو السياسة و الحوار .
و
سرقنا سرقة ضخمة و كبيرة جداً من قبل إيران تحت غطاء الدين و الشعارات المعادية
لأمريكا و إسرائيل و لم نعتبر بالماضي ممن تستر بهذه الشعارات .
و الأهم من ذلك أن هذه التصرفات الخاطئة تسببت بمشاكل اجتماعية و نفسية و فكرية و
عقائدية كبيرة و خطيرة في تلك المجتمعات
التي تعاني من الحروب بسبب شدة و ضيق الحياة عليهم.
فعلى سبيل المثال كعينة ظهرت على السطح و هو ابن القيادي في حماس
الذي أعلن ارتداده عن الإسلام و تعاونه مع
الاحتلال و هو الذي تربى تربية صالحة في بيت أبيه فما بالكم بعامة الناس الفقراء
الضعفاء و الجهال.
فهذا دلالة على وجود خلل كبير و خطير في تلك المجتمعات التي تعاني
من الحروب فيجب دراسته بعناية و شفافية و حيادية
و وضع الحلول الناجعة له و خير الحلول ما كان من الكتاب و السنة و بفهم العلماء
الربانيين.
و كذلك يجب إعادة النظر في
كل سياساتنا الداخلية و الخارجية السابقة و طرح البدائل التي تراعي مصالح الناس
الدينية و الدنيوية و خاصة الذين في قلب المعمعة و فق دراسة منطقية و عقلانية
للظروف الداخلية و الخارجية
و كفانا شعارات و متاجرة بأرواح الناس و ممتلكاتهم و نحن في بر
الأمان و الناس في الداخل يحترقون و يدفعون الثمن من دينهم و دنياهم.
فالنصر له شروط و متطلبات
و وقت و أي جهد يتجاهل هذه الشروط و المتطلبات ضره اكبر من نفعه .
و من الشروط الأساسية الالتفاف حول قيادة موحدة واعية و متوازنة و عندها حس بالمسؤولية .
و فهم الحياة حسب المنظور الإسلامي
توحيد وبناء وليس حسب التصور الشرقي الثوري صراع
الكاتب :عبدالحق صادق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.