الثلاثاء، 9 أبريل 2013

هونا ما في الحقد على أمريكا !!!

كتبت هذا الموضوع ليس دفاعاً عن أمريكا و لكن دفاعاً عن بلاد المسلمين و إنصافاً لأمريكاً لأنه من أهم أسباب انتشار فكر التطرف و الارهاب الذي يريد أن يدمر جميع بلاد المسلمين و إشاعة الفوضى فيها باسم الجهاد و إقام الخلافة الإسلامية .
إشاعة الاحقاد و الكراهية على الاغنياء و الناجحون والأنداد أسلوب و منهج الفكر الثوري الاستبدادي الروسي  
و هذا النهج أستوردته الانظمة القمعية الثورية العربية و الاسلامية من الاتحاد السوفياتي سابقاً أيام الحرب الباردة ، و تخلى عنه أصحابه و لكنه لا يزال سائداً في المجتمعات العربية و الاسلامية و ورثه في عصرنا الراهن الإسلاميون الثوريون و على رأسهم النظام الايراني المتطرف و أتباعه و الاخوان الذين يتحالفون معه .
فيصورون أمريكا إلهاً من دون الله تستطيع أن تفعل من تشاء في هذا الكون و بالتالي يحملونها مسؤولية ما يحل بهم من مصائب و أسباب فشلهم و تخلفهم و أزماتهم و يهولون سلبياتها و يقزمون إيجابياتها الكثيرة و الكبيرة. 
فمثلا هناك سلوكيات يشكو و يتذمر منها البعض كثيراً و هي منتشرة في واقعنا ابتداء من الأسرة و مروراً بموقع العمل في القطاع الخاص و العام و انتهاءً بالمنظمات و الاحزاب و التيارات و هي إزدواجية المعايير و تسلط القوي على الضعيف و الشللية و التحزب 
فهناك الكثيرون يتهمون أمريكا بهذه السلوكيات الخاطئة و يعبرون عن تذمرهم الشديد منها .
و سؤالي لماذا يتم تهويل هذا الأمر بحق أمريكا لحد التطرف و الحقد الدفين الذي يؤدي إلى التطرف في إطلاق الأحكام النابع من تصور أنها ينبغي أن تكون ملاكاً أو أنها إلهاً من دون الله بيدها مقاليد الأمور.
فهذه الأمور منتشرة في مجتمعاتنا و بأضعاف المرات كالأنظمة القمعية العربية و على رأسها النظام الاسدي و نظام القذافي والتنظيمات المتطرفة و الطائفية و .......
فما قتل من الشعب العراقي على أيدي العراقيين انفسهم و ما ارتكب من فظائع وانتهاكات يفوق بأضعاف المرات ما ارتكب على ايدي الامريكان فكان العراقي يتمنى أن يعتقل من قبل الامريكان و لا يعتقل من العراقي .
و ما ارتكبه نظام القذافي و الاسد و التنظيمات المتطرفة من فظائع بحق الشعوب العربية و الاسلامية خلال عدة أشهر يفوق بأضعاف المرات ما ارتكب على ايدي الصهاينة و الامريكان خلال حروب عدة عقود ماضية.
 و العدالة و الإنصاف من صلب ديننا الإسلامي الحنيف حتى مع الأعداء و الخصوم و من نختلف معهم .
و ظلم الاعداء أمر طبيعي فاللوم ينبغي أن يوجه لمن هو من أبناء جلدتنا و خاصة الذين يرفعون الشعارات الرنانة باسم القومية أو الاسلام  و الظلم و الطغيان من طبع البشر إذا لم يكن هناك رادع ديني أو أخلاقي أو قانوني.
فلو امتلكت الانظمة القمعية العربية او التنظيمات الارهابية المتطرفة قوة امريكا لاستجارت الشعوب العربية و الاسلامية قبل غيرها بالشيطان من شرورهم  و اذاهم  و ضررهم و لذلك قيل ( من يظن نفسه أفضل من نفس فرعون فهو مغرور).
و أمريكا دولة عظمى و لها هيمنة في شتى المجالات على جميع دول العالم فلا بديل عن التعامل معها سوى العيش بعيشة بداية القرن الماضي فمصلحة الأوطان و الشعوب في التعامل معها و مداراتها .
فدول عظمى مثل الصين و اليابان و فرنسا و بريطانيا تداريها و تتعامل معها على اساس المصالح المشتركة و ليس خوفاً منها.
و في الواقع أمريكا لها فضل كبير على الإنسانية جمعاء لما تقوم به من اختراعات ف 90% من الاختراعات مصدرها أمريكا و هذه الاختراعات نتمتع بها جميعا في حياتنا اليومية من علاج و غذاء و كهرباء و نقل و من الإنصاف الاعتراف بذلك وعدم الاستهانة به.
بينما الانظمة الاستبدادية و التنظيمات المتطرفة لم تفيد البشرية بشئ و تسببت بشتى انواع المضار
و انني اعجب من التناقض الذي يحمله فكر هذا الذي يشيع الحقد عليها وعلى من يتعامل معها عن طريق الانترنت و الكمبيوتر الذي هو من اختراعها و تحت سيطرتها و ربما يركب سيارة من انجازاتها و يتواصل مع العالم بجوال من ابتكارها و يتخلص من الآلام بتناول دواء وعلاج من معطيات مختبراتها
و ربما يحلم بتأشيرة دخول اليها لينعم بخيراتها و يتمتع بحقوق الانسان و الحرية و العدالة و الكرامة 
 و أمريكا وقفت مع قضايا أهل السنة و مع الشعوب ضد الانظمة القمعية في المواقف التالية : حرب المجاهدين الأفغان ضد الروس و في حرب العراق و إيران وفي حرب البوسنة مع الصرب و إنتفاضة الشعب التونسي و المصري و حرب ثوار ليبيا مع قوات القذافي و أخيراً الانتفاضة السورية .
و الذي يهتم بشعبه يداريها و يتعامل معها على اساس المصالح المشتركة حرصاً على مصلحة شعبه  
أما الذي لا يهمه مصلحة شعبه بل يهمه أن يصفق الناس له و يهتفوا باسمه
 فيطلق التصريحات النارية التي لا تسمن و تأتي بالجوع و هو لا يتضرر من ذلك بل ينتشي لهتاف الناس باسمه و يزيد رصيده الشعبي و يقول هكذا يريد الناس فماذا افعل لهم فأنا أعطيهم طلبهم و مصلحتي تقتضي ذلك
و المتضرر الوحيد من هذه التصريحات هو الشعب الذي يدفع الفاتورة و ليس المسئول
و في الحقيقة هذه لا تحتاج لإبداع و حنكة فأي شخص عادي يستطيع أن يعادي العالم كله خلال فترة وجيزة .
و لكن الإبداع و التميز هو ترويض الاسد المفترس وان تفقه الواقع بشكل جيد و تتقن فن السياسة و لعبة المصالح فتستفيد من قوة القوي و حضارة المتحضر و تقدم المتقدم و تجنب بلدك و شعبك و امتك المخاطر و النكبات فمن السهل جدا تهييج الحيوانات المفترسة في الغابة ليأكلوا من فيها و يهدموا ما بنته الاجيال و الاختباء في مخبئ
و من أشكال التطرف في الأحكام نتيجة للحقد الدفين الآتي:
-التصرفات الانفعالية أو الغوغائية و التي هي سمة من سمات الفترة الماضية و لم تفلح و لم تأت بنتيجة و لا يزال البعض يصر عليها و يقيم من خلالها
 فإذا قام أحدهم و هتف بعض الهتافات الحماسية ضد أمريكا يعطى صك البراءة من العمالة للأجنبي و وسام البطولة.
 و أما الذي يساعد ضحايا العدوان الظالم قدر استطاعته و يعمل بهدوء و عقلانية و لا ينشغل بالشعارات الجوفاء و التصريحات النارية عن عملية البناء و التي تغيظ الأعداء أكثر من ملئ الدنيا هتافات لا تسمن و تأتي بالجوع فكل هذا لا ينفعه و يتم دمغه بالعمالة و الجبن و الانبطاح و يتم وضع علامات استفهام عليه !!!!
و قد استهوى هذا الميزان أصحاب المطامع و المصالح و الأغراض المشبوهة فصار كل من يريد أن يتعاطف الناس معه يهتف بضعة هتافات ضد أمريكا فيلتف حوله المؤيدون و المتعاطفون و لو كان يعتدي على حرمة بلد يضم اطهر بقعة على وجه الأرض و أقدس مقدسات المسلمين مثل اعتداء الحوثيين و القاعدة على بلاد الحرمين الشريفين.
 أليس هذا من العجب !!!!
نعم هكذا يفعل الحقد الدفين يقلب الموازين و يغشي القلوب و العقول!!!    
- لصق اشد التهم بمن يداري أمريكا و يتعامل معها  لمصلحة شعبه و أمته و نسف كل الايجابيات التي له و لو كانت مثل الجبال
- رفع من يطلق التصريحات النارية إلى مرتبة الرمزية و القداسة و لو تسبب بتدمير بلده و احتلاله و تخلفه  و تجويع شعبه
علماً بأن المدارة صفة محمودة و التبعية و العمالة صفة مذمومة و مرفوضة
وغالب الكلام حول امريكا و الغرب الذي تتداوله الشعوب العربية مبني على ظنون و تحليلات قد تخطا و قد تصيب
 و هو موروث من الانظمة القمعية وعلى رأسهم النظام الناصري والاسدي والخميني الذين رددوا هذا الكلام اكثر من ستين سنة و هذه الانظمة لم تجلب لامتنا سوى الخزي و العار و التخلف و الاستبداد و مصادرة الحريات و خسارة مزيد من الارض
 و ردد الكلام المعادي لأمريكا منذ عقود: الاخوان وتنظيم القاعدة وجميع حركات الاسلام السياسي والاحزاب القومية وهذا الاحزاب والتنظيمات لم يحرروا أرض و لم ينهضوا بالعرب والمسلمين ولم يجلبوا لامتنا إلا مزيدا من الدماء و الخراب و الفرقة و التنازع و البعد عن دين الله و تشويه صورة الاسلام والصد عن دين الله و التضييق على العمل الدعوي و الخيري الاسلامي
 و الواقع المشاهد الملموس يدل على ان هناك بونا شاسعا بين المعسكر الغربي و الشرقي فحرية الراي و حرية ممارسة الشعائر الدينية و الدعوة الى الله و العمل الخيري الاسلامي مصانة في الغرب أفضل من اغلب  الدول الاسلامية و اغلب الدول التي تحالفت مع الغرب مثل (اليابان وكوريا الجنوبية و ماليزيا  و دول الخليج العربي وتركيا ) تقدمت و تطورت و فيها مستوى حرية ممارسة الشعائر الدينية و الدعوة و العمل الخيري و حقوق الانسان و حريته و كرامته افضل بكثير من الدول التي تحالفت مع المعسكر الشرقي
 بينما الدول التي تحالفت مع المعسكر الشرقي مثل ( كوريا الشمالية و الانظمة القمعية العربية و على رأسها النظام الأسدي والإيراني) تراجعت و تخلفت عن الركب و مستوى حقوق الانسان و حريته و كرامته في ادنى مستوياته فارخص شئ هو الانسان و الدماء
 والواقع المشاهد هو قطعي الدلالة و التحليل ظني الدلالة فما بال البعض يستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير
فالحل الصحيح حالياً هو:
التركيز على الدعوة و إنشاء و دعم مؤسسات دعوية و إعلامية إسلامية لنشر الإسلام الوسطي و تصحيح الصورة المشوهة عن الاسلام  في عقول الغرب و في عقول أبناء امتنا أيضا .
و تصحيح سلوكنا لنرضي ربنا وحبيبنا محمد صلوات الله عليه الذي أرسله الله رحمة للعالمين.
و لنعطي الصورة الصحيحة الناصعة عن إسلامنا .
و هناك فرق كبير بين الكره و الحقد فالبغض أن تكره الفعل الخاطئ لا المخطأ و هذا يكون سطحي و الانسان يكون مسيطرا على نفسه أما الحقد أن تكره ذات المخطأ و هو يتغلغل إلى أعماق النفس و يؤدي لتصرفات متطرفة
و لنتأمل الكتاب و السنة لنرى كم مرة ذكر فرعون هذه الأمة أبو جهل و الفرس و الروم طغاة ذاك العصر
و لننظر في واقعنا الحاضر لنشاهد كم يتحدث خوارج هذا العصر و من على شاكلتهم عن المؤامرة و أمريكا فيصورنها و كأنها إلها من دون الله
و خلاصة الكلام إن العالم يتغير و يتطور بسرعة و علينا ان ندرك و نواكب هذا التغير فما كان سائدا و صالحا في فترات سابقة قد تغير فلم يعد صالحا الآن
و الانسان يحاسب على سلوكه و تصرفاته الحالية و لا توجد شريعة او قانون تحاسب الانسان على تاريخه و تاريخ اجداده
فبالسياسة و الحكمة و اللاعنف يمكن ان تحقق الكثير من اهدافك و حقوقك و بالعنف قد تخسر الكثير و لا تحقق أهدافك
و إن أمتنا  بحاجة ماسة الى انتفاضة فكرية  كبرى تطيح بالفكر الذي نشا في ظل الانظمة الاستبدادية و على رأسها نزعة (الأنا) المتضخمة و نظرية المؤامرة  و ثقافة نكران الجميل و توزيع الاتهامات و رمي الفشل على الآخرين و النظرة السلبية السوداوية على دول الخليج و خاصة السعودية و ان الغرب و امريكا عدو العرب و المسلمين و الشرق صديق العرب و المسلمين
 فهذا هو طريق  الوحدة و الكرامة و البناء و التحضر و التقدم


الكاتب :عبدالحق صادق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.