عبدالحق صادق
سوف أحلل أزمة إقليم كردستان من منظور استراتيجي يخدم الأمن القومي العربي والغربي بحيادية وموضوعية تستند إلى
معطيات حسية ومنطقية.
حتى يكون التحليل سليم والتوصيات صحيحة، ينبغي
أولاَ فهم طبيعة الصراع الدائر في المنطقة برؤية شاملة ثاقبة بعيدة النظر وبحس
أمني عالي، وحرص شديد على مصلحة العرب.
بعد رحلة بحث وتأمل طويلة نضجت لدي
رؤية فريدة عن طبيعة الصراع، وإستراتجية مواجهة الخطر الكبير الذي يهدد العرب
والغرب.
باختصار أرى أن الصراع الدائر هن
صراع بين محور التطرف والشر المحور الإيراني الإخواني بقيادة إيران (إيران تركيا قطر كدول وجميع
حركات الإسلام السياسي السنية والشيعية وعلى رأسهم الإخوان وحزب الله) وبين محور
الاعتدال الغربي العربي بقيادة أمريكا والسعودية.
هدف محور التطرف هدم كيان الدولة لجميع الدول
العربية والإسلامية وتغيير ثقافتها وديموغرافيتها وطمس معالم الحضارة العربية
والإسلامية تحت نيران الحرب وإعادة تقسيمها والهيمنة عليها وهدفهم الاستراتجي
السعودية، والدليل ما جرى في سوريا والعراق واليمن...
مهمة أدواتهم من التنظيمات الإرهابية
المحسوبة على السنة كداعش والقاعدة...تدمير مناطق السنة وخاصة المعالم الحضارية التاريخية
فيها وقتل وتهجير كوادرهم، وتغيير ديموغرافيتها وثقافتها.
مهمة أدواتهم من التنظيمات الإرهابية
الشيعية كحزب الله والحشد الشعبي... بسط سيطرة إيران على مناطق السنة وإكمال عملية
التدمير، عن طريق محاربة داعش ومن الغبن الشديد بدعم دول محور الاعتدال.
والأكراد من محور الاعتدال ومناطق
الأكراد خارج سيطرة محور التطرف، وتحت حماية دول التحالف.
لذلك وجهوا داعش أداة المشروع الإيراني الإخواني
عليها، وفشلوا بسبب استبسال الأكراد الذين حطموا أسطورة داعش التي لا تقهر،
بالمقابل سيطروا على أكثر من ثلث سوريا
والعراق خلال عدة أشهر بسبب الاحتلال الإيراني الإخواني لعقليتهم.
لذلك لجأت إيران وتركيا إلى محاولة
الهيمنة على الإقليم بشكل مباشر بذريعة الاستفتاء على الاستقلال، والإقليم فعليا
بحكم المستقل منذ 1992 وتربطه علاقات جيدة مع تركيا وإيران فما الجديد؟
الاستفتاء ليس إعلان الاستقلال عبارة عن تعبير
عن رأي أو انتفاضة شعبية ضد ظلم وطائفية حكومة بغداد بطريقة حضارية.
فلماذا أيدت الشعوب العربية الانتفاضات الشعبية
الغوغائية التي أدت إلى تدمير سوريا واليمن وليبيا ولم تؤيد هذه الانتفاضة أم
المطلوب انتفاضة غوغائية تؤدي لتدمير الإقليم كما يريد محور التطرف ؟؟؟
العراق فعلياً محتل من إيران
بالوكالة، واستقلال إقليم كردستان يعني تحرير جزء من العراق من الاحتلال الإيراني،
والصحيح اتخاذ إقليم كردستان كمركز انطلاق لتحرير باقي العراق، ولم يجد العرب والمسلمين
غضاضة من استلام الحكم كردي على زمن صلاح الدين الأيوبي، وإذا كنتم تعتبرونهم
عراقيين فمن حقهم حكم العراق إذا كانوا أهلا لذلك، لأنه ثبت فشل الحكومات العربية
في العراق طيلة 15 سنة الماضية. ومناطق الأكراد الوحيدة من العراق التي بقيت آمنة
ومستقرة.
إذا سقط الإقليم بيد محور التطرف
يعني سيطرته على هذه المنطقة وهزيمة محور الاعتدال وعدم بقاء موطئ قدم فيها، وسيأتي
الدور قريباً على الأردن ودول الخليج، وبقية الدول العربية، وهذا من أخطر ما يهدد
الأمن القومي العربي. أي أمن كردستان من أمن العرب والغرب.
والأكراد شعب حيوي شجاع عنده وطنية
ومتمرس في القتال ومناطقهم وعرة ومنتشرين في تركيا وإيران، ولهم تاريخ مشرف مع
العرب والمسلمين فهم أحفاد صلاح الدين الذي دحر الصليبيين، فلا يذكر التاريخ وقوع
صراع بين الأكراد والعرب، إذا تم دعمهم بإمكانهم تحطيم حلم الإمبراطورية الفارسية
والتركية والقضاء على المشروع الإيراني الإخواني.
وبخصوص العلاقة مع إسرائيل، أرى أن
المشروع الإيراني أخطر من إسرائيل بأضعاف المرات لأن الاحتلال الايراني أقسى أنواع
الاحتلال في التاريخ سوريا والعراق نموذجاً، إسرائيل هدفها جزء من فلسطين فقط،
والشعب الفلسطيني في أراضي 48 يعيشون أفضل من اغلب الشعب العربية، أما إيران هدفها
الدول الإسلامية كلها، وخاصة السعودية للهيمنة على المقدسات وربما تدميرها، ويوجد
الآن تقاطع مصالح مع إسرائيل باعتبار أن عدونا وعدوها واحد، وهناك مبادرة سلام بين
العرب وإسرائيل، ومصر والأردن حلفاء دول الخليج لهم علاقة مع إسرائيل والسلطة
الفلسطينية صاحبة القضية ومقربة من دول الخليج لها علاقة معها، وأردوغان خليفة
الإخوان وحليف إيران يطبع مع إسرائيل ويتعاون أمنياً وعسكريا واقتصاديا معها ووضع
أكليل من الزهور على قبر مؤسس إسرائيل وبكى على قتلى المحرقة اليهودية، وقطر الإخوانية
حليفة إيران وتركيا تقيم علاقات مع إسرائيل، وبرزاني قبل الأزمة كان صديق أردوغان،
وطالباني قبل الأزمة كان صديق خامنئي، ولم نرى اتهام الإقليم بالعمالة لإسرائيل،
أم يجوز للإخوان ما لا يجوز لغيرهم لأنهم شعب الله المختار وخاصته من خلقه.
ألا يدل ذلك أن المحور الإيراني
الإخواني وضع إسرائيل وفلسطين شماعة لتخوين الشرفاء وتمزيق صفوف الأمة حسب أهوائهم
ومصالحهم، أتمنى الابتعاد عن نهجهم وعدم ترديد كلامهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.