الخميس، 1 سبتمبر 2016

المسئولين عن فشل الانتفاضة السورية

عبدالحق صادق
أي مشروع أو إدارة أو حزب أو حركة يتحمل مسؤولية فشله مديره و الإدارة العليا له و لا يلقي اللوم على العناصر و صغار الموظفين إلا جاهل بالإدارة و السياسة.
و الواقع يشهد بفشل الانتفاضة السورية و من ينكر فشلها رغم مرور ست سنوات من القتل و التدمير و لم يحسم الصراع حتى الآن و لا يوجد حل يلوح بالأفق فهو إما معاند أو مكابر أو جاهل لأن معيار النجاح أن تنجز المشروع بأسرع وقت ممكن و أقل كلفة ممكنة و معيار الفشل عدم إنجاز المشروع أو إنجازه بعد فترة طويلة جدا و كلفة باهظة جدا فإذا كان معيار النجاح هو الاستمرار فمعنى ذلك أفغانستان من أنجح الدول لأنه مضى على حروبها 40 سنة و الصومال مضى على حروبها 25 سنة
و كلفة الانتفاضة السورية باهظة جداً فهي أكبر مأساة في العصر الحديث و حتى الآن لم  يحسم الصراع و لا توجد مؤشرات على نهايته فهي فاشلة بكل المقاييس 
و دول التحالف و في مقدمتهم أمريكا و السعودية فاشلين في محاربة الإرهاب و التطرف فمضى على محاربتهم له قرابة عقدين و هو يزداد و لا ينقص و كلفة هذه الحرب عالية و هي دول عظمى و لديها مراكز أبحاث و استخبارات 
ليس العيب في الخطأ و الفشل و لكن العيب في تكرار الخطأ و الإصرار عليه و عدم الاعتذار و رمي الفشل على الآخرين و عدم مراجعة الرؤية و التحليل و الفكر و النهج و الخطط  و ازدراء الرأي الآخر و عدم الاستماع إليه و تخوينه و عدم الاستماع و الاستفادة من نصح العقلاء و الخبراء و الأصدقاء و عدم تقييم النتائج و اتخاذ الإجراءات اللازمة بناء على النتائج على الأرض.
و المسؤلين عن فشل الانتفاضة السورية من وجهة نظري هم حسب التسلسل الآتي :
1-      القيادة العليا لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي الذي تربطه شراكة إستراتيجية مع نظام الخميني و يعتبرون الخميني و خامنئي إمام المسلمين و هو المرشد الأعلى لهم و أردوغان يسير وفق السياسة العليا للإخوان و هو المرشد العام لهم و قيادة إخوان سوريا قد يكون لها تحفظ و لو شكلي على إيران و لكن بالمحصلة هم يسيرون وفق توجيهات القيادة العليا العالمية و نتيجة لعب الاخوان على العواطف الدينية للشعوب و ظهورهم بمظهر المظلومية فإنهم يتمتعون بثقة الشعوب بالإضافة للإمكانيات المادية و الإعلامية و التنظيمية  الضخمة التي يملكونها و التي يصنعون من خلالها الرأي العام للعرب و المسلمين بما فيهم المعارضة السورية وفق الرؤية الإيرانية و من هنا تنبع خطورتهم و مسؤوليتهم الأولى عما يحصل في سوريا لأنهم يتحكمون بمفاصل المعارضة السورية.
2-      القيادات الدنيا للإخوان و العناصر و أحسب أن أغلبهم يجهلون حقيقة السياسة العليا للتنظيم و برمجوا و تربوا على الطاعة العمياء و تنفيذ توجيهات القيادة دون اعتراض و التماس الاعذار لها و لو ارتكبوا جميع الموبقات و تجاوزوا جميع الخطوط الحمراء التي رسموها في عقولهم .
3-      قيادة الأحزاب المعارضة الأخرى و النخب الفكرية و الاجتماعية و الكوادر الوطنية و الضباط الأحرار الذين سمحوا للإخوان باختطاف الانتفاضة و حرفها عن مسارها و سمحوا للتنظيمات المتطرفة بتشكيل كيانات مستقلة و صمتوا على تجاوزاتهم و لم يكشفوا حقيقتهم للرأي العام و دول العالم و لم يعملوا على تشكيل رؤية سياسية ناضجة لسوريا المستقبل و لم يعملوا على تغيير نظرة الشعب السوري تجاه أصدقائه وعلى تغيير الفكر الثوري الاستبدادي الذي نشأ في ظل النظام الأسدي .
4-      المعارضة في الخارج و معظمهم من أصحاب الشهادات العلمية و يعيشون في دول العالم الحر المتحضر دول المحور الغربي الخليجي منذ سنوات و قبل الانتفاضة السورية و شاهدوا البون الشاسع بين تلك الدول و بين الأنظمة الجمهورية الثورية القمعية فلم يغيروا فكرهم الذي نشأ في ظل تلك الأنظمة و لم يعملوا على تغيير نظرة الشعب السوري تجاههم قبل الانتفاضة و بعدها و استمروا على فكر و نهج الإخوان و الأسد و إيران فهؤلاء لديهم جهل مركب يصعب تغييره و هم الأكثر نشاطا على مواقع التواصل الاجتماعي و لهم تأثير كبير على الرأي العام فلو عملوا على توعية الشعب السوري و تغيير نظرته تجاه دول الخليج و دول الغرب أصدقاء الشعب السوري و نشر ثقافة الاعتدال و التعايش و نبذ الكراهية و الأحقاد و نبذ التطرف و الإرهاب و كشف حقيقية التنظيمات المتطرفة و على رأسهم الإخوان و  التحذير منهم لما استطاعوا اختطاف الانتفاضة و حرفها عن مسارها كليا و النتيجة تدمير سوريا و تشريد شعبها و قتل شبابها و هؤلاء لهم دور كبير في تضليل الشعب السوري لأنهم ينظرون و هم بين أولادهم آمنون و الشعب في الداخل يذوق الويلات و إنني التمس العذر للذين يعيشون في الداخل لأنهم لم يسمعوا سوى كلام نظام الأسد و لم يعرفوا أين وصل أقرانهم من البلدان و تقع عليهم جزء من المسؤولية لأننا نعيش اليوم عصر الانفتاح عصر الانترنت و الفضائيات .
ونقدي لأي تيار أو  فصيل أو حركة أو حزب موجه للقيادة و ليس للعناصر فاحسب أن أغلب العناصر صادقين و لديهم غيرة على دينهم و أمتهم و هبوا ضد الظلم و الطغيان و أثبتوا شجاعة و مهارة قتالية عالية و هؤلاء الشباب من خيرة شباب الأمة لو تم استغلالهم في المكان الصحيح و لكنهم بسطاء ليس لديهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل فضللهم سحرة العصر و جعلوهم يعملون لمصلحة المشروع الايراني و مرشدهم الأعلى خامنئي و هم يحسبون أنهم يجاهدون في سبيل الله و إقامة الخلافة الإسلامية  فهم أكبر ضحية لهم لأنهم يضيعون دمائهم و جهودهم هدار و يوجهونها ضد مصلحة الأمة و الإسلام
 و  تطهير المجتمع و التخلص منهم هدف رئيسي لمشروع خامنئي حتى يبقى شعب خانع مستسلم لإيران و الإخوان يبيع دينه بعرض من الدنيا و لأجل هؤلاء الشباب و ألما عليهم أكتب و لأجل الشعب الذي يذوق الويلات من أفعال الإخوان و تخبط قيادة المعارضة و عدم شعورها بالمسؤولية الذين يعيشون في الخارج في بر الأمان يتمتعون بالأموال الضخمة التي يأخذونها على اسم الشعب السوري  
و اشهد الله ليس لي أي مصلحة دنيوية فيما أكتب و لست تابعا لأحد و ما أكتبه من بنات أفكاري فإن أصبت فبتوفيق الله و إن أخطأت فمن نفسي و أرحب و أشكر من يصحح لي خطأ بالحجة و المنطق و الدليل و ليس بكلام عام و ازدراء و اتهامات و شتائم 
فلو أردت المناصب و الشعبية و الاعجابات للعبت على عواطف الناس و مدحت الإخوان و الطغاة و أجيد ذلك لأن هؤلاء إذا رضوا على شخص يرفعوه لأعلى عليين و يغدقوا عليه العطاء الكثير و إذاغضبوا على شخص يحرقوه أوراقه و هذا سر نجاحهم بينما دول التحالف لو دافعت عنهم الدهر كله فلن تسمع منهم كلمة شكر و من أراد أن يموت جوعا فليعمل مفكر و كاتب و باحث استراتيجي عندهم و هذا سر فشلهم .
و لكن ديني و ضميري و أخلاقي و تربيتي تأبى ذلك و أرى من الخيانة و قلة الأمانة كتم هذا العلم الذي يجهله الكثيرون و بسبب هذا الجهل و إهمال دول محور الاعتدال تسيد الفكرالإخوني المتطرف الحاقد سبب بلاء الأمة
و إنني أدفع ثمنا غاليا لكتاباتي ماديا و شخصيا و علاقات عامة فأرى السباب و الشتائم و خسرت كثير من أصدقائي و أقربائي و زملائي  
 و إنني أكتب لله لكي أقيم الحجة على الناس أمام الله يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب حتى لا يقولوا لم ينصحنا أحد و للتاريخ كشاهد على العصرالذي يزوره المحور الإيراني الإخواني و للأجيال القادمة و أرى أن كلامي ستعرف قيمته الأجيال القادمة و سيصبح هو السائد.
و إنني أحاول قدر استطاعتي ألا تنزلق بقية البلدان العربية و خاصة السعودية لأنها العمود الفقري لأهل السنة و لأنها تضم مقدسات المسلمين و مصر الدولة العربية الكبيرة إلى المنزلق الخطير الذي انزلقت له سوريا و العراق و اليمن و ليبيا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.