الأربعاء، 29 مايو 2013

الشيعة في السعودية

منقول
  عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي 

الشيعة في السعودية لا تتجاوز نسبتهم من 2.5 إلى 4% فقط ، ومع هذا يتمتعون بمميزات عن باقي سكان محافظات المملكة الأخرى ، وذلك لأن الدولة تتحسس من الوضع الشيعي وتأمل انسجامهم مع أطياف المجتمع السعودي مما نتج عنه خصوصية لهم في كثير من الجوانب والتي لا يتمتع بكثير منها أهل السنة ، ومن ذلك أننا فنجد مثلا أن القطيف ـ وهي محافظة صغيرة ـ فيها ملعب رياضي باسم "الأمير نايف بن عبدالعزيز" وهذا بخلاف الأندية الرياضية فمحافظة القطيف تضم ثلاثة عشر نادياً والتي تمارس الأنشطة الثقافية المختلفة !! .
وفي القطيف مستشفى مركزي كبير ، وفيها أكثر من إحدى عشر جمعية خيرية شيعية مستقلة ، بينما مدينة الدمام ـ عاصمة الشرقية ـ لا يوجد فيها مثل هذه العدد من الجمعيات ، وجمعياتها تابعة بشكل أو آخر لجمعية البر الخيرية ، ونجد أن الجمعيات الشيعية تمارس الأنشطة الاجتماعية ، والدعوية ، والثقافية ، والأدبية ، والعلمية ، ولا يسمح للجمعيات السنية إلا بالنشاط الاجتماعي والمحدود فقط !!!.
ولما حرقت الخيمة التي أقيم فيها زفاف في القديح وتوفي عدد من الحضور بنى لهم خادم الحرمين الشرفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على حسابه الخاص صالة من أضخم الصالات وسميت "بصالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز"،وهذا لم يحدث مع غيرهم من المناطق ، علما أنه وقع مثل ذلك الحريق في عدد من الصالات.
وتم اعتماد مبلغ ضخم لبناء مركز ثقافي في القطيف باسم "مركز الأمير سلطان الثقافي" ، بينما لا نجد شيء من ذلك في أكثر مدن المملكة ولا أقول محافظاتها !!.
يكفينا أن نقارن بين محافظة القطيف وأي محافظة أخرى مثلها في عدد السكان فسنجد أن القطيف تتمتع بما لا يوجد في غيرها من المحافظات ، أما لو كانت المقارنة بين القطيف ومحافظات الجنوب أو الشمال فسنجد أن القطيف أفضل بكثير جدًا.

ولقد وصل عدد من الشيعة لمناصب سواء في مجلس الشورى أو السفارات ، ونجد أن عددا ليس بالقليل من أفراد الحرس الوطني في المنطقة الشرقية هم شيعة ، وعددهم كبير في الشرطة والمرور وغيرها من الجهات العسكرية، وأما وزارة الصحة في الشرقية فتكاد أن تكون خالصة لهم لأنهم يدخلون أبناء طائفتهم ويبعدون غيرهم خاصة المعاهد الصحية ، وكذا إدارة التعليم في المنطقة الشرقية ، ويمكنك أن تتأكد بالمقارنة بين عدد السنة والشيعة في المنطقة الشرقية ، فنجد أن الشيعة لا يتجاوز نسبتهم في الشرقية كحد أعلى 20%([1]) ، بينما هم يسيطرون على كثير من الوظائف ، وفي القطاع الخاص لهم حظوة كبيرة في شركة أرامكوا.
فإن قيل : ولكنهم لم يصلوا لمراتب الوزراء أو الوكلاء ونحوها من المراكز القيادية ، فالجواب : أن هذا ليس فيه تميز للسنة عن الشيعة بل هذه الوظائف محصورة في مناطق معينة فقط ، فلا أذكر أن هناك وزيرًا من تبوك أو جيزان أو عرعر أو عسير ، فالأمر ليس تميزا طائفيا كما يقال .
وحتى تتأكد من شدة تغلغلهم في إدارة التعليم في المنطقة الشرقية أذكر قصة واحدة فقط وقفت عليها بنفسي فأذكر جيدا يوم قام مدير مدرسة شيعي في القطيف بتنزيل علم السعودية ورفع علم حزب الله ، فكان جزائه وعقابه أن نقل لإدارة التعليم ، وكونت له لجنة للتحقيق فقط !!!.
ولا أدري لو أن هذا المدير كان سنيا وأنزل علم السعودية ورفع علم إحدى دول الخليج كقطر مثلا ماذا سيحصل له ؟ ربما يفصل من عمله على أقل تقدير .
أما لو رفع علم تنظيم القاعدة ـ لا قدر الله ـ ، فأجزم أنه سيعلق مكان العلم ردعا لأمثاله من الخونة ، فهذا التصرف يعد خيانة .
و مازالت الدولة تسمح لممثلي المراجع الشيعة بجمع الأموال الطائلة جدا والتي تتجاوز الملايين تحت مسمى الخُمس ، بينما لا يستطيع إمام مسجد جمع ألف ريال لإصلاح مكيف مسجد أو تفطير الصائمين ، ومن المقطوع به أن جزء من الأخماس يذهب لتدريب شباب شيعة السعودية في لبنان وغيرها ، بل ربما استخدم فيما هو أكبر من ذلك ....
بل إن مشايخ الشيعة يلقون المحاضرات والدروس في مساجدهم وحسينياتهم بلا حسيب ولا رقيب وكثير من هذه المحاضرات تأليب على أهل السنة وتجريح في الصحابة وتحريض على الدولة ، بينما لا يستطيع أي عالم سني أن يلقي محاضرة إلا بإذن مسبق وضمن خطة وزارة الشؤون الإسلامية وموافقة إمارة المنطقة قبل شهرين على الأقل ، ولا يستثنى من ذلك إلا أعضاء هيئة كبار العلماء فقط !!!.
وما زالت الدولة تغض الطرف عن بيع الكتب والأشرطة والأفلام الشيعية غير المفسوحة حول الحسينيات دون ترخيص ، علما أنه يرخص للشيعة يوميا الكتب التي تخلوا من الملحوظات ، بينما لو قام سني بتوزيع كتب غير مفسوحة لعوقب على تجاوزه القوانين .
وما زال الشيعة يفتحون الصوالين الثقافية من أحاديات واثنيننيات وغيرها في مجالس المشهورين منهم كمجلس النمر وأبو خمسين ، وقد حضرت مرة في أحدها ، بينما لا يستطيع أحد المثقفين السنة فتح مجلسه إلا بإذن رسمي من إمارة المنطقة !!!.
وبلغ حسن تعامل الدولة معهم أنها لم تقم حد الحرابة على المجرمين اللذين فجروا في مدينة الخبر عام 1418هـ ، وتشير جملة من التقارير أنه كان بتمويل إيراني ،ومساعدة حزب الله متمثلة في عماد مغنية([2]) ،واكتفت الدولة بالتحفظ عليهم في السجن فقط ([3]) .
وكذلك عفت الدولة مؤخرا عن اللذين ضربوا وطعنوا رجال الأمن في البقيع ([4])، وتغاضت عن مظاهرات القطيف المستمرة ، وقد طعن بعض رجال الأمن في القطيف كذلك ، وكسرت سيارات وأتلفت أموال عدد من أهل السنة من سكان القطيف أكثر من مرة ([5]) .
وما زل يبلغني عن أعمالهم الإرهابية الإجرامية ضد أهل السنة في القطيف والمناطق التابعة لها حتى أيام قليلة خلت .
 
و مع كل ذلك إلا أن الشيعة يصرخون بأنهم مظلومون ... مقهورون!!!.
و هذا الصراخ الشيعي هو من صميم العقيدة الشيعية أليسوا هم اللذين يلطمون صدورهم ويضربون رؤوسهم بالسيوف لمقتل الحسين رضي الله عنه ، ويصرخون في كل مناسبة سنوية ، فهذا الصراخ والعويل من الطقوس الشيعية المستمرة وفي النفسية الشيعية مستقرة!!.
ليس المقصد تتبع ما تميز به الشيعة في السعودية في هذه المقالة ، ولكني أحببت الإشارة إلى شيء من تغاضي الدولة المتكرر عن الشيعة وما قابل به الشيعة ذلك التغاضي ([6]) .
الدعوة للتقارب أجزم أنها لا تنفع وقد عفى عليها التأريخ ، وثبت فشلها .
فهل يمكن بعد هذا الدعوة للتعايش ؟
بمعنى : لكم مذهبكم ولنا ديننا ، ويعيش بعضنا بجنب البعض الآخر في هذه البلاد
أظن أن ذلك ممكن لو كان الشيعة جادين أما أن يكون الشيخ حسن الصفار رمز التعايش ـ كما يقال ـ وهو في نفس الوقت يدافع عن الإرهابيين الذين طعنوا رجال الأمن في المدينة ، وداسوا قبور الصحابة الكرام فهذا كثير جدا
بل إنه يؤجج مشاعر عوام الشيعة ويشحنهم بالطائفية المقيته فيتهم الدولة بتلفيق التهم للشيعة حيث قال : (فغالبا ما يواجه الزائرون ـ للبقيع ـ هناك بالغلظة والشدة ويخاطبون بألفاظ نابية، وتؤخذ من أيديهم كتب الزيارة والدعاء ([7]) ، وتفتعل لهم المشاكل، ويحال بعضهم على المحاكم الشرعية ليعاقبوا بالسجن بتهم ملفقة، كما حصل ذلك مراراً  و تكراراً  لمواطنين شيعة من أهالي المدينة المنورة و أهالي الأحساء و القطيف)
1.
من هي الجهة التي تحيل للمحاكم؟
أليست وزارة الداخلية ؟
2.
من الذي يدّعي في القضايا العامة؟
أليست هيئة الإدعاء والتحقيق ؟
فمهمة وزارة الداخلية والإدعاء تلفيق التهم للشيعة المظلومين المساكين !!!.
أقول : إن كان هذا هو داعية التعايش عندهم فكيف بغيره؟
أنا اخترت الصفار لأنه يصف نفسه بالاعتدال وداعية تعايش وكذا يصفه بعض الفضلاء ، أما لو انتقلنا لنمر النمر فقد هدد الدولة ، وأعلن الجهاد ضد السعودية بل ضد كل المسلمين في بلاد الحرمين ومما قاله مخاطبا الحضور الشيعة: (لن تنالوا عدلاً إلا بالجهاد.. لن تستردوا حقاً إلا بالتضحية والجهاد والقوة والجرأة والشجاعة.. لن نسكت.. ماذا ستصنعون؟ افعلوا ما شئتم. لن نسكت. كرامتنا أغلى من حياتنا..إذا حال الوضع بيننا وبين كرامتنا، سندعو الى الإنفصال عن هذه البلد سندعو الى الإنفصال، وليكن ما يكون كرامتنا أغلى من وحدة هذه الأرض .. بل أغلى من وحدة الأمة أيضا .. )([8])

لا يمكن لنا أن نتعايش مع أناس يؤججون نار الأحقاد علينا ،ويلعنون أصحاب نبينا ،ويتغاضون عن الإرهاب في القطيف ويتعامون عن تهديدات أمثال نمر النمر في الداخل ، ويسكتون عما فعله المجرم ياسر الحبيب ([9]) في لندن من تهديد لقلب نظام الحكم في السعودية وإقامة البحرين الكبرى ، ويدعو لأن تكون مكة والمدينة تحت إدارة الأمم المتحدة ([10]) .
لقد تبرأ علماء السنة بصراحة ممن يهاجم هذه البلاد و يشحن الشعب ضد الدولة من المعارضين ، ولكن أين موقف مشايخ الشيعة ممن يصرخ الموت لآل سعود و يعلن الخروج على أنظمة هذه البلاد ، ويهدد الحكومة و يدعوها باللعينة اليهودية مثل ياسر الحبيب وحمزة الحسن و نمر النمر ؟؟
كل من يسكت عن مظاهرات الشيعة في القطيف ، ويسكت عمن يهاجم ثوابتنا ويدعو للانفصال فهو مثلهم بلا ريب .
لابد لمن يقدم نفسه كداعية للتعايش كالصفار وغيره أن يتخذ موقف واضح جدا مما سبق ذكره ([11]) .
ولكن مازال للتعايش مجال رحب وصدر فسيح :
إذا وعد عقلاء الشيعة بعدم التطاول على مقدساتنا وأولها القرآن الكريم ، ثم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويشمل ذلك أزواجه وأصحابه ومنهم آل بيته الأطهار ، والاحتكام عند الخلاف للقرآن الكريم بحسب لغة العرب، فهنا يمكن أن نتعايش ، أما بدون ذلك فلا يمكن أن يحصل أي تعايش .
وهنا أشيد وبكل ما أستطيع بذلك البيان العاقل المتميز الصادر عن مجموعة من الإخوة من الشيعة السعوديين العقلاء الجادين في التعايش وأهم الأفكار التي وردت في البيان المشار إليه:
(
إن المتتبع لنشاط الطائفة الشيعية الكريمة في معظم أنحاء العالم وبالخصوص في الخليج العربي يلاحظ انشغالها شبه التام بالقضايا الطائفية والصراعات المذهبية ومناوشاتها التي لا تنقضي مع أختها الطائفة السنية الكريمة
وكوننا من أبناء الشيعة من الجيل الجديد توصلنا إلى قناعة برفض الكثير من المعتقدات والأحكام الشرعية التي ننظر لها كعائق حقيقي أمام شيوع وتجسيد قيم المحبة والتسامح مع إخوتنا من أبناء المذاهب الإسلامية فضلا عن الأديان الأخرى)
وحمل البيان 18 بندا تدعو لمراجعات فكرية وعقدية وسياسية تتعلق بأركان أساسية في المعتقدات الشيعية خصوصا مسألة "التقليد" و"إعطاء الخمس لرجال الدين" و"ممارسات التطبير والدق على الصدور في طقوس عاشوراء" و"نظرية ولاية الفقيه" و "رفض قذف الخلفاء الراشدين لأن قذفهم لا جدوى منه ولا خير فيه ومدعاة للفرقة والانشقاق، ونطالب بتجاوز كافة عبارات الشتم والسباب واللعن الواردة ضدهم في التراث الشيعي".
فمثل هذا البيان المتميز العاقل الجريء يمكن أن يختصر الطريق كثير جدا بين السنة والشيعة أبناء البلد الواحد بل قد يضعهم على طريق واحد في ظل دولة واحدة ، فلا بد للشيعة من رموز يؤمنون بالتعايش على الأسس التي قامت عليها الدولة .
وأشيد كذلك بالباحث الأستاذ أحمد الكاتب والذي أصدر قبل أيام بيانا عاقلا أنكر فيه كثيرا مما يثير الأحقاد بين السنة و الشيعة كتحريف القرآن ، وقذف أم المؤمنين عائشة الصديقة ، ويمكن لهذا البيان أن يكون ورقة لبدأ عمل جاد للتعايش بين الشيعة والسنة في دولهم وأطلق عليه "البيان الشيعي الجديد" .

لا مجال للعبث بالسيادة:
ويجب على عقلاء الشيعة أن يفهموا أنهم مجموعة قليلة لا يعقل أن تغير دولة أنظمتها السيادية التي قامت عليها لتخسر 97% من شعبها من أجل 3 أو 4% فقط من شعبها أيضا ، ولأكون أكثر صراحة ، فلا يمكن لملك تمت بيعته على أساس الكتاب والسنة بهدي السلف الصالح أن ينقض هذه البيعة ويخرم أُس الملك مع شعبه اللذين بايعوه وإخوانه وأبوه وأجداده من قبل على هذا الأساس ، فالشعب السعودي شعب سني متمسك بأصوله التي تلقها عن الأئمة الأربعة رضي الله عنهم ومن سبقهم من أئمة الإسلام ، وهو شعب غالبيته على مذهب إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وقد قامت هذه الدولة على هذا الأساس .
وأذكر مثالا واحد يوضح معنى السيادة في الدول فهذه المملكة المغربية ، لا تسمح لكائن من كان أن يعارض المذهب المالكي ، ولا تسمح لأحد أن يقرأ بغير قراءة ورش حتى لا يشوش على الناس ، ولا تسمح بانتقاد العقائد السائدة، ولم تلتفت الدولة المغربية للأقليات الأخرى ، لأن هذا أمر سيادي وعلى أساسه قامت الدولة .
فلماذا يطالب بعض الحمقى دولتنا السنية أن تسكت على من يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ،ويقفز قفزا همجيا على قبورهم كيف يطلب بالسماح بالتمرغ على القبور ، وإعلان التخلف والرجعية والجهل بعبادة القبور وكأننا في العصور الوسطى؟!!!.
وفي حالة استجابة الدولة ـ لا قدر الله ـ للمطالب الشيعية فسيرسخ هذا مبدأ أن المجموعة الشيعة دولة مستقلة داخل الدولة ، وهذا أول علامات التفكك الاجتماعي في الدول .
أخيرا : يجب على الجميع الحاكم والمحكوم احترام سيادة الدولة والتي قامت على الكتاب والسنة .
وفي الختام أتمنى أن يمد عقلاء الشيعة لنا أيديهم ، فأيدينا ما زالت ممدودة لهم .

عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي
مواطن سعودي يؤمن بالتعايش
17/3/1430
هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.