عبدالحق صادق
لمعرفة دوافع تدخل روسيا في سورية و أسباب
إسقاط الطائرة الروسية المدنية في سيناء و
الطائرة الروسية المقاتلة في سورية و من يقف خلف ذلك ينبغي معرفة الظروف الدولية التي
سبقت التدخل الروسي و إسقاط الطائرتين و هي كالآتي :
نظام الأسد حليف استراتيجي لروسيا منذ نشأته و
معروف أن الحلفاء يقفون مع بعضهم في الملمات و هذا تفعله جميع الدول فدعم روسيا
لنظام الأسد طبيعي كما يفعل الغرب في دعم حلفائه.
النظام السوري حليف تكتيكي مصلحي لإيران و لأنه علماني و يرفع شعار القومية العربية بينما مشروع نظام الخميني قومي فارسي يتخذ الدين
كمطية لتحقيق أهدافه ولذلك لا يوجد تقارب كبير بين المشروعين تصل لحد التحالف
الاستراتيجي و تجسد هذا بوجود توتر في
العلاقة بين ضباط و قادة النظام و بين ضباط الحرس الثوري الإيراني و قادة الميليشيات
الشيعية التابعة لإيران بسبب استغلال النظام الإيراني ضعف النظام و حاجته لهم فقام
بتهميش دورالنظام تماماً و استيلائه على مقاليد الأمور أي أصبحت إيران تقوم بدور
الاحتلال المباشر لسوريا
و هذا دفع
بشار لزيارة مفاجئة لموسكو و الاستعانة بها لتخليصه من الهيمنة الإيرانية كما
يستعين أي حليف بحليفه فلبت روسيا النداء و تدخلت في سوريا و قيل أن بشار يقيم في
مكان مجهول تحت حماية القوات الروسية خوفا من تصفيته و الدليل على صحة هذا الكلام أن ضباط الحرس الثوري
الإيراني و قادة حزب الله بدؤوا يتساقطون الواحد تلو الآخر منذ تدخل روسيا و على
رأسهم إصابة قائد فيلق القدس قاسم سليماني بإصابات خطيرة في سوريا و طيلة خمس سنوات لم
يقتل منهم إلا القليل
الإخوان حليف استراتيجي لنظام الخميني و سياسة تركيا
و قطر تبعاً لها أي العلاقة بين تركيا و قطر و إيران تحالف استراتيجي فالإخوان
أقرب إلى إيران من نظام الأسد و يخدمون مشروعها أكثر فهناك تقارب سياسي و أيديولوجي
و كلاهما يمتطي الدين لتحقيق أحلامه التسلطية و هذا مصرح به من قبل الطرفين
روسيا حليف تكتيكي مصلحي لإيران و تركيا و ليس
أيديولوجي استراتيجي أي يمكن لهذه العلاقة أن تهتز و يمكن للمصالح أن تتعارض في
بعض الأحيان
الحديث عن تقارب سعودي تركي قطري و تصريحات وزير
الخارجية السعودي المتكررة عن خيار التدخل العسكري في سوريا لإزاحة الأسد
فإن صح هذا التقارب و التدخل العسكري دون قطع
تركيا و قطر علاقات التعاون و التحالف مع إيران أو قيام تركيا و قطر بتخفيف حدة
التوتر بين إيران و السعودية و حل المشاكل بينهما فهو عبارة عن مصيدة و مكيدة
خطيرة للغاية تستهدف السعودية و يعرض أمنها القومي لمخاطر جسيمة و كذلك الأمن القومي العربي و
الإسلامي لأن السعودية هي العمود الفقري للسنة و تضم مقدسات المسلمين
داعش و جبهة النصرة هم
أدوات المحور الإيراني الإخواني (إيران ، تركيا ، قطر ) لتنفيذ مشروعهم المشترك في
المنطقة
تهديدات شديدة اللهجة متبادلة بين روسيا و قطر
بربط هذه المعطيات نستنتج أن روسيا تدخلت في
سوريا بناء على طلب بشار الأسد لتقليم أظافر إيران و الإخوان في سوريا و إنقاذ
النظام من الاحتلال الإيراني لأنه يهدد مكانة روسيا في سوريا و يجعلها رهينة بيد
إيران و سوريا هي الدولة الوحيدة المتبقية لروسيا في المنطقة لإثبات وجودها كدولة
فاعلة و عظمى في العالم فلها أهمية استراتيجية خاصة و لهذا هي متمسكة بها رغم كل
الإغراءات التي قدمت لها من السعودية للتخلي عن نظام الأسد بالإضافة إلى استباقها
الأمور وفرض سيطرتها على أجواء سوريا قبل تدخل السعودية و حلفاؤها إن صحت هذه
الأخبار.
روسيا قامت بقصف عنيف لمواقع جبهة النصرة و قوات
التحالف كثفت من هجماتها ضد داعش و كما ذكرت سابقا داعش و النصرة هما الجناح
العسكري لتركيا و قطر و بالتالي إضعافهم يعني إضعاف دور الإخوان في سوريا
و سيطرة
روسيا على سوريا و فرض الأمن و الاستقرار فيها يعني القضاء على التنظيمات
الإرهابية و تهميش دور المحور الإيراني الإخواني
و إفشال و عرقلة مخططاتهم و مشاريعهم في المنطقة التي تتخذ من سوريا و
العراق منطلق لها لتدمير جميع الدول العربية بواسطة أدواتهم التنيظمات الإرهابية
أي أن
تدخل روسيا في سوريا يمس استراتيجية المحور الايراني الاخواني و هذا ما أثار
حفيظتهم و جعلهم يضحون بمصالحهم الكبيرة و تحالفهم مع روسيا لأجلها
فتم إسقاط الطائرة المدنية الروسية في سيناء من
قبل داعش بالتعاون مع ضباط إخوان كإنذار شديد اللهجة من المحور الإيراني
الإخواني لروسيا بكف يدها عن المنطقة و
إلا سيتم توجيه الإرهاب ليستهدف مصالحها
فلم تأبه روسيا بهذا الإنذار و كثفت من ضرباتها
لجبهة النصرة و داعش بعد إسقاط الطائرة
فتم
توجيه إنذار آخرأشد منه فأمر أردوغان بإسقاط طائرة مقاتلة روسية بقرار سياسي معد
مسبقاً و ليس عسكري و هذا ما اعترف به الجيش و هذا خلق أزمة بينه و بين أردوغان و الدليل
أن الجيش لم يصدر بيان الإسقاط كعادة الجيوش و لكن الذي أصدره أردوغان شخصياً
و بفرض صحة اختراق الطائرة لأجواء تركيا لمدة 8
ثوان فهذا الوقت غير كافي لإبلاغ القيادة و إصدار أوامر الإسقاط و الجيش التركي
جيش محترف يعرف أصول التعامل مع هذه الحالات الحساسة حيث يتم مرافقة الطائرة و
إنذارها و إبعادها لأن روسيا دولة صديقة و حليفة لتركيا و ليست عدو اخترق الأجواء
و هدد الأمن ليتم إسقاطها بهذه الطريقة و كلما
تحدث أردوغان عن إسقاط الطائرة كان يقرنه
بحماية القرى التركمانية في جبال اللاذقية و إقامة منطقة عازلة في سوريا تمتد من
الشمال حتى الساحل فإن صحت هذه المزاعم
فلماذا لم يفرض منطقة عازلة في سوريا طيلة الخمس
سنوات الماضية رغم مطالية المعارضة و ضوء أخضر من أمريكا و الغرب ؟؟؟
و قوات بشار كانت تقصف قرى التركمان و غيرها طيلة
خمس سنوات و لم يحرك أردوغان ساكنا ؟؟؟
و هل دماء الشعب السوري من غير التركمان تختلف عن
دماء التركمان بنظر أردوغان الذي يدعي العدل و يقدم نفسه كرمز و مخلص إسلامي ألا يخشى من إحراج أنصاره العرب الذين يمجدونه
أكثر من الترك ؟؟؟
هذا يدل أن قرار الإسقاط كان لهدف استراتيجي بعيد
كل البعد أن اختراق الاجواء وقصف التركمان و هو تهديد المشروع الفارسي الإخواني في
المنطقة للخطر
فقرروا بعد
التدخل الروسي تقسيم سوريا و إقامة منطقة سنية يحكمها الإخوان و بقاء هذا القسم
مضطرب تنشط فيه التنظيمات الإرهابية أدوات مشروعهم و هذا المشروع من أخطر ما يهدد
الأمن القومي العربي و الأمريكي و الغربي
لذلك اتخذت مصر و الأردن و الإمارات موقف مؤيد
لتدخل روسيا في سوريا و هذا يدل على قراءة صحيحىة للواقع و بعد نظر و حس أمني عالي
و إذا وقفت أمريكا و دول الغرب مع تركيا ضد روسيا
فهذا يدل على أن أمريكا و الغرب ضائعون لا يفقهون الواقع بشكل بشكل صحيح
و سيكون هذا الموقف من الأخطاء الاستراتيجية القاتلة التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب
عالمية ثالثة و المتضرر الأكبر منها شعوب المنطقة و مصالح الغرب
و حتى لا تضيع جهود و تضحيات المعارضة الوطنية السورية سدى و حتى تبقى سوريا موحدة مستقرة فأنصحهم أن يتفاوضوا مباشرة مع النظام برعاية روسيا لتحصيل ما يمكن تحصيله و يتعاونوا مع روسيا و النظام لتحرير سوريا من الإحتلال الإيراني الإخواني و أدواتهم من التنظيمات الإرهابية الشيعية و السنية لأن
مشروع روسيا و النظام وطني و مشروعهم وطني أيضاً فيمكن إيجاد تقاطع مصالح بينهم
وإشراكهم في السلطة تضمنه روسيا و دول التحالف لأن روسيا الدولة الوحيدة القادرة على
فرض و ضمان ذلك .
و هذا الحل أفضل الموجود و السياسة فن الممكن لأن
المشروع الآخر التركي القطري خارج أسوار سوريا فلا يمكن إيجاد تقاطع مصالح وطنية معهم
و ستبقى سوريا في حالة فوضى و بؤرة للتنظيمات الإرهابية إلى ما شاء الله
أو سيتم تقسيم سوريا بين السنة و الأقليات و
سيبقى القسم السني مضطرب و بؤرة للتنظيمات الإرهابية برعاية تركيا و قطر تحت
الاستبداد الديني
و القسم العلوي و الأقليات مستقر برعاية روسيا تحت
الاستبدادي العلماني و الديكتاتورية على مساوئها أفضل من الفوضى و الاستبداد
العلماني أخف ضرار و خطرا و قسوة من الاستبداد الديني لأن الاستبداد العلماني يسئ
لنفسه و يجعل الناس تعود لدين الله اما الاستبداد الديني فيسئ للإسلام و يشوه
صورته و يجعل الناس تخرج من دين الله أفواجاً
أما بالنسبة لأصحاب المشروع الوطني الحرالمدني
الذي أؤيده فهؤلاء لا توجد لهم حاضنة
شعبية و لا توجد لهم قوة على الأرض و لا يثقون بحليف دولي و بالتالي كلامهم و تقديمهم لأنفسهم كأشخاص معتدلين واعين وطنيين لاستلام السلطة مجرد أوهام و خيالات كأوهام
و خيالات الإخوان التي ثبت فشلها رغم الإمكانيات الكبيرة التي يتمتعون بها و
المكان الأنسب لهم العمل في المعارضة في دولة آمنة مستقرة و التركيز
على التغيير الفكري و غرس القيم و الأخلاق في المجتمع فإذا نجحوا في ذلك فسوف تتحقق أحلامهم بهذه الدولة
آلياً
و بفرض جاءت معجزة و تححققت أحلامهم و استلموا
السلطة الآن فسوف يفشلون لأن الشعب غير مهيأ لإقامة هذه الدولة حالياً
أو
سيبقوا خارج المعادلة في دول الشتات يتغنون بهذه الدولة يوزعون صكوك الخيانة و
التآمرعلى الدول التي تستضيفهم كما يفعل الإخوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.